مريم الشريف من بلدة كفرنبودة في ريف حماة الشمالي، ومن أولى النساء اللواتي اخترن طريق الثورة، وكانت قدوة وحافزا لباقي النساء والفتيات ليسلكن طريقها.
تقول مريم:” لم أستطع أن أقف مكتوفة الأيدي حيال ما يجري، وكون الخيارات كانت قليلة أمامي، اخترت أن أقدم الطعام لثوار بلدتي وغيرهم ممن دخلها للدفاع عنها، ولكن شعرت بعدها أنني أستطيع أن أخدمهم بأكثر من ذلك، فأصبحت أخفي في منزلي بعض العناصر الذين ينشقون عن النظام السوري، وكنت أحمل المنظار وأراقب لهم الطريق قبل تحركهم”.
ولكن مريم لم تتوان عن الخروج مع الثوار إلى جبهات القتال عندما سنحت لها الفرصة؛ كي تطهو لهم الطعام في مقراتهم، لتصبح بعدها ملاحقة من قبل النظام السوري، واضطرت بعدها لحمل السلاح؛ كي تدافع عن نفسها وابنها عندما داهمت قوات النظام منزلها، وبالفعل تمكنت من قتل عدد منهم خلال مداهمتهم للمنزل.
مريم هي نموذج يعكس صورة المرأة السورية خلال الثورة، التي لم يتوقف عملها عند هذا المجال لقد نزلت إلى الشارع جنبا إلى جنب مع الرجل، وحملت اللافتات المنددة بنظام الأسد وظلمه، وخرجت في تشييع جنازات الضحايا وساعدت في كتابة شعارات مناهضة للنظام، وتنظيم الحملات، كما ساعدت في جمع التبرعات وإيصالها إلى المتضررين، وكانت تخطط اللافتات بأكثر من لغة خفية من وراء الستار، وعن ذلك حدثتنا السيدة ريم واحدة من سكان ريف حماة الشمالي قائلة :” تركت التدريس مع بداية الثورة، وشاركت زوجي في المظاهرات السلمية، وكوننا نحن نساء كنا نخشى الاعتقال، لذلك اقتصر عملي على تخطيط اللافتات باللغتين العربية والفرنسية، كي يحملها المتظاهرون في تظاهرة الجمعة”.
وتتابع ريم :” كنت أعتقد في السابق أنني عضو فعال في المجتمع، ولكن منذ أن انخرطت في الثورة ورحت أترجم الأخبار من العربية للغة الإنكليزية، لأطلع الرأي الغربي على ما يحصل في بلدنا من قتل وانتهاكات بحقنا، حينها أدركت بالفعل أنني أشارك في الثورة”.
ولكن مشاركة المرأة السورية لم تتوقف عند ذلك، فكثير من النساء اخترن مجال التمريض ممن لديهن معلومات عن تلك المهنة، ولكن أيضا من وراء الستار، وكثيرات منهن أجرين حالات إسعافيه في منازلهن.
زينب هي من سكان ريف حماة أيضا تقول: “لقد شكلنا أنا وبعض صديقاتي ممن لديهن خبرة في التمريض فريقا مكونا من 5 فتيات وأبلغنا عناصر من الثوار عن مكان تواجدنا؛ كي يحضروا لنا المصابين من زملائهم، إضافة إلى المصابين من المدنيين، الذين كانوا يتعرضون للرصاص خلال تظاهراتهم”.
ومع امتداد زمن الثورة، وازدياد قمع النظام السوري للمتظاهرين؛ تطور دور المرأة السورية لتخرج من وراء الستار، وتشارك الرجل علنا بكل خطوة، كما دخلت مجال الإعلام والكتابة والأوساط السياسية.
وبرز دورها كناشطة إعلامية تحمل الكميرا وتلتقط صورا لآثار القصف والدمار، وعن ذلك تقول لنا الاعلامية الميدانية ناهد وهي من سكان حلب:” كنت أرصد الدمار والخراب الذي طال الحي الذي أقطنه، ومن ثم خطر لي أن أخرج من مكاني لأسلط الضوء على باقي الأماكن في حلب، وانتهى بي المطاف على جبهات القتال بين الثوار”.
ومن جانب آخر عانت المرأة من قسوة الظروف والانتهاكات والتشريد، فهي المفجوعة بزوجها وابنها وأخيها…، فقد أصبحت الأم والأب خلال غيابه عن المنزل، هي من حاول تأمين معيشة تليق بعائلتها وأطفالها.
تسرد لنا أم احمد قصتها عندما قررت ترك منزلها مع أطفالها وأكبرهم يبلغ من العمر 15 عاما؛ كان ذلك بسبب القصف لينتهي بها المطاف تحت خيمة في إحدى حدائق دمشق لتكون مأوى لهم، فأصبحت المعيل الوحيد لأسرتها بعد أن توفي زوجها جراء القصف، هي حالة من آلاف الحالات التي لجأت إلى الحدائق، هي أم سورية شكلت المجتمع بأكمله وليس نصفه بقوتها وإرادتها.
نعم إنها المرأة السورية، رب الأسرة، الطبيبة والإعلامية الميدانية، هي التي خرجت مع أخيها الرجل وشاركته مسيرته الثورية خطوة بخطوة، نعم هي تستحق أن تكون كل المجتمع.
مريم أحمد
المركز الصحفي السوري