التسول حاجة للبعض ومهنة للآخر، جحيم الحرب جعل من السماء لحافا ومن الأرصفة فراشا لآلاف السوريين من النساء والرجال والأطفال والتي تحكي وجوههم قصصا من البؤس والشقاء.
صورة لايختلف عليها اثنان باتت تنتشر في مناطق النظام وخاصة في شوارع المدن المزدحمة،كالأسواق التجارية والمطاعم والجسور وإشارات المرور.
أسباب كثيرة دفعت هؤلاء الأشخاص للتسول في مقدمتها الفقر الشديد والبطالة وتهجير العائلات . فظروف الحرب القاسية أجبرت أم سمير على إنزال أطفالها للشارع من أجل كسب لقمة العيش تقول :” ليس لدي معيل وما من جمعيات أو مساعدات أتلقاها سوى من أهل الخير، إلا أنها لا تكفيني لإعالة أطفالي الثلاثة”.
بالقرب من سينما الكندي وسط العاصمة دمشق، ينتشر الكثير من الأطفال ممن تركوا مقاعد الدراسة ليمارسوا التسول . تقول بيان طالبة جامعية :”في ظل غياب الرقابة وانتشار الفساد، يقع هذا الأمر على عاتق الجمعيات الخيرية والإغاثية، بسبب عدم إكفاء الفقراء لحاجتهم وأيضا فساد تلك الجمعيات التي اعتمدت على توزيع المساعدات بحسب الوساطات من أقارب أو من له دعم أمني “.
كان التسول في سوريا من إنتاج الحرب الطاحنة وإهمال مسؤولي النظام في دعم الجمعيات الخيرية وتقاسم مساعدات المنظمات الإغاثية العالمية بالواساطات، الأمر الذي زاد من تفاقم هذه الظاهرة.
ومن ناحية اخرى استحق التسول أحيانا لقب المهنة، فبعض المتسولين قد استأجروا من قبل أناس لتوظيفهم في مهنة التسول ،فيلبس النساء والأطفال والرجال الاكسسوار المناسب وهو عبارة عن ملابس ممزقة ومتسخة ويحمل أشياء بسيطة من تعويذات أو ورود أو علب محارم صغيرة ليبيعها في الطرقات والجامعات وحتى داخل الباصات.
وسيم طالب جامعي في حلب “كثيرا مانرى في الجامعة أطفالا يبيعون تعويذات صغيرة للطلاب وبعضهم أحيانا يدخل القاعات قبل دخول الأساتذة،احرجني أحدهم حين سألته من أين أنت ؟فأجابني من حماة فضربته ﻷن لهجته لم تكن حموية،ثم اعتذرت منه وهمست في أذنه السوري لا يتسول”.
أين الحكومة الموقرة ،من مظاهر التسول والتشرد التي تملأ الشوارع،أين وزارة الشؤون الاجتماعية التي تنشغل وزيرتها بافتتاح الفعاليات والمعارض الخيرية .
والجدير بالذكر أن ظاهرة التسول في المناطق المحررة قد تقلصت بشكل كبير،من خلال مساعدة المنظمات الخيرية والإغاثية للمتسولين، ومتابعة المسؤولين أحوال الأيتام والفقراء وتخصيص رواتب شهرية لهم ، عدا عن تقديم الملابس والغذاء، وملاحقة أي شخص يمارس مهنة التسول بدون الحاجة ومقاضاته.
نظام لم يعرف الرحمة ضد أبناء بلده، ليتحول معظمهم من طلاب حرية وكرامة إلى إرهابيين، بينما الكثير منهم ممن ابتعد عن الحرب تحول إلى نازح ومتسول في داخل بلده، ويبقى السؤال: أليس حريا بحكومة الأسد أن تؤمن احتياجات أبنائها .. أم فاتورة الحرب سيدفعها الجميع بلا استثتاء؟
المركز الصحفي السوري – سلوى عبد الرحمن