تعدّ منطقة الريف في الشمال المغربي من بين أبرز المناطق المنتجة للقنب الهندي في ربوع المملكة؛ إذ يتوافد عليها العديد من السياح لتجربة هذا المنتج المخدر ، ورغم أن هذه الزراعة غير قانونية إلا أنها تشكل مصدر عيش لتسع وثمانين أسرة.
بدأت زراعة نبتة القنب الهندي في منطقة “كتامة” في أعالي جبال الريف بداية القرن 19 ، تتم هذه الزراعة في أراضٍ قاحلة لا تصلح لشيء إلا للقنب، نظرا إلى صعوبة التضاريس وعزلة المنطقة ، وقد أمر السلطان الحسن الأول بالسماح لأهالي كتامة بإنتاجها لغرض محلي قبل أن تتعداها إلى العالمية على يد الكبار، وتحتل تجارة الحشيش المرتبة الثالثة عالميا بعد تجارة الأسلحة والدواء، ويعتبر المغرب من المروجين البارزين لها في العالم إلى جانب باكستان بإنتاجه 1000طن سنويا .
يعيش محمد في منطقة الريف في أقصى الشمال المغربي، هو رجل شارف على الأربعين، يمتلك كوخاً من الطين يختبئ فيه مع أسرته الصغيرة من قساوة الجو وبرودته ، مازالت الحياة هناك معطلة فأغلب هذه الأكواخ لا تصلها خطوط الكهرباء ، أما الماء فيغلب على المنطقة السقي التقليدي، يقول محمد وأسنانه تصطك من شدة البرد : “نريد بدائل اقتصادية تنموية تخرجنا من هذا المأزق، نحن نعيش هنا بصعوبة بالغة، نناشد الهيئات المسؤولة أن تنصف المنطقة” ويضيف: ” نحن بالكاد نسد جوعنا بهذا، إذا لم ننتج هذه النبتة سنموت جوعا، أين العهود المسطرة لسنين ؟؟”.
يقول محمد مسترسلا في حديثه: ” يعيش جل الفلاحين هنا حياة الهلع والخوف، يتوارون خلف الجبال من أعين السلطة، حتى اضطرت النساء والأطفال إلى مواجهة مصيرهم والنزول إلى الحقول للعمل، بعد أن أكدت الإحصائيات أن 40 ألف مزارع صدر في حقه مذكرة اعتقال وهم في حالة هروب دائم وأغلبهم لا يسجلون أطفالهم لدى السلطات، وإن انتهت بطاقاتهم الوطنية فإنهم لا يستطيعون تجديدها، الأمر الذي يزيد قساوة الحياة وحدّتها هنا بين الفقر و التهميش وسندان المخزن .
أباطرة المخدرات…المستفيد الأول من زراعة القنب في المغرب
يبلغ تصدير الحشيش إلى العالم 40% حسب آخر الإحصائيات يصل منها ما يقارب ثمانمئة طن سنويا إلى أوروبا، يجني منها الفلاح 1000 درهم للكيلو غرام في حين أن المُنْتَج نفسه يصل إلى اثني عشر مليون درهم في مقاهي أمستردام، ورغم أن هذه الزراعة محظورة قانونيا إلا أن جل مناطق الريف المغربي تزرع فيها نبتة القنب، ويصعب مع ذلك التصديق بعدم علم السلطات بذلك ولاسيّما أنها تعترف بعدم وجود حل آخر، إذن لما تجعل الريفيين يعيشون في هروب وخوف دائمين؟
وتجدر الإشارة إلى أن الشرطة المغربية كان لها دور في مكافحة زراعة المخدرات والاتجار بها عالميا حيث تبلغ إيرادات الدولة 23مليار دولار سنويا بحسب ما أوردته بعض التقارير، وفي كل ليلة تشاهد زوارق تجوب سواحل الشمال وهي زوارق متطورة جدا يمتلكها كبار مهرّبي الحشيش وتتعداها باستخدام الطائرات إلى الضفة المقابلة، إذ يبدو أن أبواب إسبانيا مفتوحة على مصراعيها لذلك ، وهذا عكس ما تخرج به السلطات الإسبانية في كل مرة من قرارات تخص محاربة تجارة المخدرات، وبذلك تتمكن مافيا المخدرات من جني أموال طائلة تبلغ ملايين الدولارات تتكدس في خزانتها على حساب الفلاح الضعيف الذي لم يجنِ من ذلك سوى المذلة والقهر .
قضية تحتاج حلول
إن زراعة القنب الهندي في المغرب قضية مهمة تشغل هكتارات الأراضي، إذ تحتاج الى مقاربات حقوقية وتنموية.
زراعة تشرف عليها مافيات تستغل ضعف وإقبال الدول المصدرة لها بقوة ما يجعل الفلاحين الصغار في عرضة دائمة للمتابعات، ولا بد من حوار قوي وجريء يوقف نزيف هذا الاستغلال ويرد للريفيين اعتبارهم بإيجاد حلول نزيهة بمراجع مطالب التقنين لاستخدامه في أغراض علاجية وطبية .
#أضبيب صليحة