نشر موقع “ميدل إيست أي” في لندن تحليلا للصحافي أليكس ماغدونالد، حول تقدم الثوار السوريين على جبهة إدلب، قال فيه إن سيطرة الثوار على جسر الشغور في إدلب، ثم استيلاءهم على قاعدة القرميد، يتحدى الفرضيات التي أطلقت حديثا بأن بشار الأسد على وشك بسط سيطرته على البلد بأكمله.
واعتبر الكاتب أن تحطيم المعارضة في حمص عام 2014، كان انتصارا كبيرا للحكومة، كما أدى صعود تنظيم الدولة إلى الاقتتال الداخلي في صفوف المعارضة.
ويستدرك الموقع بأن سلسلة من الانتصارات في إدلب في الأسابيع الماضية لتحالف من مقاتلي المعارضة تضم العديد من المليشيات اضطرت المراقبين إلى إعادة النظر.
ويجد ماغدونالد أن الاستيلاء على جسر الشغور في شمال غرب سوريا يعد خسارة استراتيجية مهمة للحكومة السورية، حيث قطع الخط الحيوي بين مركز ثقل تأييد الحكومة في اللاذقية وحماة، رابع أكبر مدينة في سوريا.
ويوضح التقرير أن وادي الغاب، الذي يمتد بين حماة في الجنوب ومناطق تركز العلويين في الغرب، أصبح معرضا للاختراق، بحسب محرر “سيريا كومنت” ومدير مركز دراسات الشرق الأوسط في جامع أكلاهوما جوشوا لانديز.
وقال لانديز: “إن استطاعوا اختراق تلك القرى سيكون بإمكانهم محاصرة حماة”، وأضاف “إن لحماة قيمة رمزية عالية؛ لأنها المدينة التي قام حافظ الأسد وأخوه بضرب الإخوان فيها عام 1982، وقتلا الكثير من الناس، وإن كان بإمكانهم (الثوار) الاستيلاء عليها سيرفع ذلك من معنوياتهم”، بحسب الموقع.
ويلفت الموقع إلى أنه يعتقد بأن في سوريا مئات الميليشيات التي تعمل داخل حدودها، ولكن النجاح في إدلب، الذي بدأ بالاستيلاء على مدينة إدلب في أواخر شهر آذار/ مارس، يعكس المستوى الجديد من التنظيم والتعاون والانضباط بين مجموعات الثوار المختلفة، التي كانت سابقا متناحرة فيما بينها.
ويذكر التقرير أن التحالف الذي استولى على جسر الشغور سمى نفسه “جيش الفتح”، حيث كان هناك تنسيق بين جبهة النصرة وأحرار الشام وأنصار الشام وجيش الإسلام وجبهة أنصار الدين وجند الشام وغيرها.
وقال لانديز لموقع “ميدل ايست آي”: “نحن نرى على ما أظن أثر الملك سلمان.. فالملك السعودي غيّر أولويات المملكة، ففي عهد الملك السابق كان الإخوان المسلمون هم العدو الرئيسي، وليست إيران”.
ويضيف لانديز للموقع أنه خلال عهد الملك السابق كان تركيز السعودية وحليفتها الإمارات على الإخوان كونهم مصدرا لعدم الاستقرار والمعارضة في المنطقة، ما منعهما من التنسيق مع قوى المعارضة السورية الأخرى مثل قطر وتركيا، ويستدرك بأن “الملك سلمان قام اليوم بتغيير أولويات السعودية، حيث وضع إيران ومحاربتها على رأس القائمة، وقدمها على محاربة الإخوان”.
ويوضح لانديز أن تدخل السعودية في اليمن ضد مليشيات الحوثيين الشيعية، التي تقول المملكة إنها تعمل لصالح إيران وبدعم منها، زاد من رغبة السعودية في إيجاد تحالف ضد إيران وكسر نفوذها في سوريا.
ويقول لانديز: “إن اليمن كبيرة ومهمة بالنسبة للسعودية، وليس على إيران أن تقدم الكثير من المعونات العسكرية لاستنزاف السعودية في اليمن، وذلك لأن اليمن تشكل مصدر استنزاف كبير للسعودية، بينما تشكل سوريا مصدر استنزاف كبير لإيران”.
ويجد الكاتب أن النتيجة كانت هزة عنيفة لما بدا أنه محاولة من الحكومة السورية لاستعادة السيطرة والنفوذ.
وينقل التقرير عن مديرة مبادرة المسار الثاني للحوار رندا سليم، قولها: “أصبح جيش الأسد أضعف وفقد معنوياته، حيث كانت مكاسب الأسد السابقة بشكل رئيس بسبب تشرذم الجانب الآخر وقلة المهارة والخبرة”.
وتضيف سليم: “الآن تمت معالجة عاملي الضعف لدى المعارضة، ولذلك نشهد تحولا في الميدان”. مبينة أن هذا الضغط على موارد الحكومة وعودة الميليشيات الشيعية العراقية إلى العراق قد يتسببان بأن تعيد الحكومة السورية النظر في استراتيجيتها، حيث كان لديها طموح سابقا في كسر المعارضة في جميع أنحاء سوريا.
وتقول سليم للموقع: “حتى الآن رأيناهم يخوضون المعارك في كل مكان، ولكن بسبب هذه العوامل فهناك سؤال يجب طرحه، وهو هل هناك خطة (ب) يتم تنفيذها من الأسد وإيران وحزب الله لتحديد أي جزء من سوريا يريدون الدفاع عنه والسيطرة عليه؟ سنرى الجواب في الأيام المقبلة”.
وترى سليم أن “المسألة هي هل ستقرر ومتى تقرر الحكومة أن تحد من خسائرها بالتركيز على مناطق في سوريا مثل دمشق، التي لا تستطيع أن تخسرها لصالح إدلب”، وفق التقرير.
ويفيد التقرير، الذي ترجمته “عربي21″، بأنه بينما رحب الكثير بعمليات بسط السيطرة في إقليم إدلب على أنها انتصار ضد الأسد، أبدى مراقبون آخرون قلقهم بسبب تركيبة التحالف التي حققها، ولو لم تكن هناك عناوين بارزة كتلك التي ظهرت عندما حقق تنظيم الدولة صعودا مفاجئا، إلا أن جبهة النصرة، التي أعلنت ولاءها لزعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري عام 2013، وأحرار الشام، إحدى أكبر المليشيات في شمال سوريا، متهمتان بتطبيق سياسات شديدة القسوة في المناطق التي تسيطران عليها.
وينقل الموقع عن محرر تقرير معهد كارنيغي “سوريا في أزمة” آرون لوند، قوله إن الفوارق بين جبهة النصرة وأحرار الشام تكتيكية وليست أيديولوجية.
ويقول لوند للموقع: “بينما توجد فروق بين المجموعتين، إلا أن كلتيهما معاديتان علنا للديمقراطية، ومعاديتان للأقليات الدينية، وملتزمتان بإقامة دولة دينية سنية في سوريا.. وهناك قلق كبير في أمريكا وأوروبا حول انبعاث مجموعات جهادية في سوريا، والآن العناوين الأولى في الصحافة الغربية هي عن المدينة التي وقعت في أيدي تنظيم القاعدة، وهذا ما لا يريده الثوار السوريون”.
ويعتقد ماغدونالد أنه بالرغم من تنوع الأيديولوجيات في تحالف إدلب، إلا أن وجهة النظر بأن إدلب سقطت في يد تنظيم “القاعدة”، وليس في يد “المعارضة”، شكلت تغيرا مهما في الفهم وفي كيف ينظر الكثير للصراع.
ويورد التقرير ما كتبه إدوارد دارك من حلب يوم الاثنين، قائلا: “في عالم لم يفقد البوصلة كان هذا الحدث سيشكل مصدر قلق كبير، يؤدي إلى فعل يعكسه.. وبدلا من ذلك كان الحدث أقل من أن يغطى في الأخبار، والغريب أن معظم المعارضة السورية احتفت ورحبت به دون أدنى إشارة إلى التناقض، حيث لو دخل أحدهم تلك المدن (المحررة) فربما يتم إعدامه على أيدي حكامها الجدد”.
وقال لانديز إن النصرة وحلفاءها “هي من شكلت معظم المليشيات المعتدلة التي أنشأتها أمريكا ضدهم، وعززوا القوة الإسلامية، وأمريكا لا تعير ذلك اهتماما”.
ويختم “ميدل إيست آي” تقريره بالإشارة إلى أن سليم تقول إن وجهة النظر هذه هي ما يفصل أمريكا عن المانحين الإقليميين في المضي قدما، وخاصة بينما تفرض تركيا والسعودية وقطر معادلة عسكرية جديدة في سوريا، تؤدي فيها جبهة النصرة دورا. وتضيف أن “الولايات المتحدة تعد هذه المنظمة إرهابية بكل تأكيد، ولكن لا يشاركها المانحون الإقليميون وجهة نظرها هذه”.
عربي21