عُرف النظام السوري بتهميشه للأقلية الكردية في سوريا قبل اندلاع الثورة، وحرمهم من أبسط الحقوق وهو الانتماء والهوية، فباتوا محصوري الحدود السورية، لا أمل لهم بالعيش الكريم لا داخل مناطق النظام ولا خارجه، بسبب عدم امتلاكهم لأوراق تثبت هويتهم، مع حبهم للبيت والأرض التي تربوا وولدوا فيها.
يروي موقع للهجرة قصة اللاجئ السوري من الطائفة الكردية “ميرفان” ذو الـ 36 عاماً الذي عانى منذ ولادته الحرمان من الهوية السّورية مثل الكثير من أبناء طائفته، ما دعاه لفكرة اللّجوء إلى أوروبا.
يقول ميرفان “أنا سوري كردي، هذا ما تقوله ذاكرتي وقلبي، لكن في السّجلات السّورية أنا أجنبي، وأبي وإخوتي أجانب، أمي فقط من تملك هوية سورية من قبل النّظام بين أفراد العائلة، ولا يسمح القانون السّوري الذي سنّه النظام منحنا الهوية عن طريق الأم”.
يتذكر ميرفان مكان ولادته، الذي يعتبره الوطن الأم له، فيوضح قائلاً “ولدت في منطقة وادي المشاريع بدمشق، الذي تنبسط فوقه المساكن العشوائية، غالبيتها للأكراد القادمين من شمال سوريا، كنا نتكلم الكردية بأريحية، وهذا ما كان يشعرنا بالتّميّز والاختلاف عن باقي قاطني الحيّ”.
كبر ميرفان وكبر تفكيره وهاجسه حول أهمية الهوية فهو لا يستطيع السّفر خارج سوريا وأنّه لا يجب عليه أن يحلم بالحصول على شهادة دراسية أو التوظيف في حكومة النظام، لذا قرر الخروج بطريقة غير شرعية، رغم المخاطر والصّعاب.
اتفق ميرفان مع مهرب لنقله إلى تركيا عبر غابات اللاذقية مع أنّ الأمر لم يكن سهلاً كما وصف، وبعدها إلى إسطنبول ثم أدرنة لأجل قطع نهر إيفيروس الذي كان مخيفاً نتيجة استغلال المهربين للمهاجرين.
تابع ميرفان رحلته الصعبة حتى وصل إلى أثينا، وبعد حصوله على جواز سفر شبيه، استطاع السفر به والإفلات من رقابة عمال المطار، ليحط به المطاف في ولاية ألمانية.
استطاع ميرفان بعد ثلاث سنوات من وصوله، لمّ شمل أمّه وإخوته، لكنّ هاجس الغربة والانتماء مازال يسيطر عليه، حتى في بلد اللجوء، بعد أن تجرّعه مسبقاً على يد حكومة النظام.
يختم ميرفان أنّه لا يشعر بالرّاحة في ألمانيا إذ سيبقى الألمان ينظرون إليه مجرد لاجئ سواء كان عربياً أو غيره في ظلّ غياب وطن يقبله.
واليوم تحاول قوات سوريا الديمقراطية “قسد” نتيجة انتهاكاتها في المنطقة، جرّ الأقلية الكردية إلى سلخها من نسيجها الاجتماعي الموروث، مع بقيّة الأطياف والأعراق، والذي توارثته عبر مئات السنين في تجانس وتماسك على هذه الأرض.
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع