تصدرت صورهم أغلفة المجلات، وشاشات التلفزة، وغزت مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام العربي والعالمي بشكل عام، فكانت محط اهتمام الكبير والصغير، الغني والفقير، نعم إنهم أطفال سوريا المشردون، الباحثون عن حياة وسط حرب دامية أكثرت في قلوبهم المواجع، وأذرفت من أعينهم دموعا زادت حياتهم ملوحة ومرارا، ولعل تلك الضجة الإعلامية وملايين الصور التي نشرت لم ولن تزدهم من النعيم شيئا ليحاربوا به قساوة الأيام، فكانت مجرد لحظات حظي بها الإعلاميون ليقبضوا ثمنها آلاف الدولارات ممن يشتريها ويدعي الإنسانية ويظهر بكلمات ترافقها بعضا من المشاعر لينفطر قلب من يشاهدها، ويقول متأثرا” ماذنب أولئك الأطفال؟”.
الحرمان والمعاناة التي يعيشها أطفال سوريا لا يمكن إحصاؤها، فلا يوجد طفل فيها سواء في مناطق سيطرة النظام أو في مناطق المعارضة أو غيرها من المناطق، إلا وتأثروا بشكل أو بآخر بتلك الحرب الهوجاء، فمن حياة المخيمات البائسة، للحياة تحت رحمة الطيران، أو تحت زخم القذائف، أو ربما الخطف والقتل لعدة أسباب أبرزها المال، والحرمان من حنان الأم أو عطف الأب، أو من التعليم، أو حتى من بيت يجدون داخله الدفء والأمان.
تبنت منظمات وجمعيات كُثر مشاريع وأنشطة للأطفال، والهدف واحد زرع البسمة على شفاههم، وتخفيف آثار الحرب السلبية على نفوسهم، وتشجيعهم على متابعة التعلم رغم العوائق والمطبات التي يواجهونها، لكن للأسف في الواقع هي عبارة عن أنشطة لا تدوم سوى لساعات أو لا تتجاوز الأيام، وتصرف بها مبالغ كبيرة عبر مايقدم لهم، إلا أنه في النهاية يزول أثرها بمجرد انتهائها، فمن فقد والدته أو عائلته بأكملها، كيف سينسى ذلك وصورهم محفورة داخل المخيلة، ومن فقد أحد أعضائه هل ستنسيه رقصة أو لعبة مع الأطفال نقصه، أو ستعيد له خسارته، فهي عبارة عن حبوب مسكنة، يزول مفعولها بعد ساعات قليلة.
أطفال سوريا ومستقبلها، لن يستطيع أحد أن يمحو من ذاكرتكم المليئة بالمآسي شيئا، ستظل راسخة داخلها، تنتظر فرجا قريبا علهم يستمتعون بإشراقة الشمس من جديد، فكفاكم أيها العالم خطابات ومؤتمرات، كفاكم إظهار مشاعر الشفقة والحزن، فهم ليسوا بحاجة لذلك، باتوا أكبر من أن نضحك على عقولهم بقطعة حلوى، أو ملابس جديدة.
المركز الصحفي السوري_ سماح الخالد