بصرف النظر عن الطابع التشبيحي لوفد النظام، والخوف المتلبس وفد المعارضة من الضغوط التي يمكن أن تفرض عليه تنازلات تهدد ما يتمتع به من وحدة ودعم شعبي، لا يبدو أن هناك أفقا كبيرا للبدء بمفاوضات جدية بعد.
وفي اعتقادي أنه حتى لو تم حل مسألة التلاعب بالملف الانساني، وهو أمر يكاد يكون مستحيلا لأن النظام يستخدم التجويع والتهجير والتدمير والقتل العشوائي سلاحا رئيسيا في حرب يعرف تماما أنها ضد الشعب وليس ضد فصائل المعارضة المقاتلة فحسب، فإن المفاضات سوف تصل إلى طريق مسدود حالما يتم فتح مسألة وقف إطلاق النار.
فمن دون تفاهم على مستقبل سورية ومستقبل الأطراف وإلى أين نسير موالاة ومعارضة من الصعب إقناع أحد بوقف إطلاق النار ولا يمكن تحقيق ذلك. والحال أن غياب الانخراط من قبل الدول الرئيسية والتصميم الواضح لحلفاء النظام في طهران وموسكو على الحفاظ على النظام كما هو بأي ثمن، وتشوش وغموض القرارات الدولية لا يترك فرصا كبيرة للأمل ببدء مفاوضات جدية والتفكير بحلول مقبولة للمشاكل القائمة وتلك الإضافية التي خلقتها الحرب. فمن دون تفاهم على مستقبل سورية ومستقبل الأطراف، وإلى أين نسير، موالاة ومعارضة، من الصعب إقناع أحد بوقف إطلاق النار ولن يكون من السهل تحقيق ذلك. والحال أن أحدا من الدول الراعية أو القرارات الدولية لا يركز على هذه المسألة: أعني طبيعة السلام ومعنى السلام المنشود بالنسبة للأطراف. الأسد لا يزال يعتقد وحلفاؤه أنهم يستطيعون أن يدمجوا المعارضة في حكومتهم الموسعة والمعارضة تنتظر أن يحل محل نظام الأسد نظاما جديدا مختلفا كليا، أي نظاما يخضع لحكم القانون لا لأجهزة الأمن والمخابرات والشبيحة.
وبالرغم من أننا لم نصل إلى هذه النقطة بعد فإننا لن نتقدم من دون أن نتفق على سورية التي تقبل بها جمبع الأطراف، الداخلية أولا لكن كما هو واضح الآن الخارجية أيضا.
برهان غليون