“من سنتين وأنا عم عاني من مرض مزمن في الجلد… ولا أجد الدواء الا بشق الأنفس ..وبعد ما دور كل الصيدليات ..الأول بيقول مفقود والتاني بيقول في بديل وكل صيدلي يقول سعر مختلف عن الآخر”، عبارات شكت بها أم أحمد همها وغرغرت الدمعة في عينيها محاولة إخفاءها بمسحها من وجهها الشاحب.
ارتفعت أسعار جميع المواد في الأسواق لتشمل الدواء الذي هو أهم من الطعام بالنسبة للمريض وخصوصا المصاب بأمراض مزمنة، إضافة إلى فقدان إنتاج العديد من المعامل بسبب الحرب، واستهداف النظام بالطيران الحربي للعديد منها في أرياف حلب و دمشق وحمص، إضافة لارتفاع أسعار المازوت الذي أدى لارتفاع أجور النقل وصعوبة التنقل بين المناطق والمحافظات بسبب الاشتباكات المستمرة.
في نهاية عام 2015 قامت حكومة النظام السوري برفع أسعار الدواء 50 % من السعر الحالي، وذلك استجابة لطلب أصحاب معامل الأدوية المنتجة، وقد بررت ذلك لارتفاع تكاليف الإنتاج وأسعار الصرف ولحماية الأمن الدوائي بضمان قدرة المعامل على متابعة إنتاج الأصناف الدوائية وخصوصا التي فُقدت نتيجة عدم القدرة على تغطية تكاليفها.
ويقول الصيدلي أبو عبادة:”إن زيادة الأسعار هي زيادة عادية ومقبولة ولن تصل إلى حد الغلاء مقارنة بأسعار السلع والمواد الغذائية والألبسة التي ترتفع بارتفاع أسعار الدولار يوميا وهناك، موضوع أهم من الغلاء، فبعض الأدوية مفقودة وليس لها بديل مما يُجبر المريض على شراء الأدوية المهربة مجهولة المصدر.”
أما الطبيب إبراهيم فيرى بأن المريض يحتاج لدواء تأثيره فعال، والأمر الأهم هو فقدان أصناف من الدواء يحتاجها المريض، وإن توقف بعض معامل الأدوية عن الإنتاج أدت إلى نقصان أصناف متعددة منها الأدوية النفسية والعصبية.
وأما عن فساد الأدوية التي انتشرت مؤخرا في الأسواق نتيجة الحرب، وفقدان الرقابة على الأسواق وبعض الشركات الدوائية التي قامت بدورها باستغلال الظروف فضلا عن الغش بإنقاص نسب من المواد الفعالة بالمركب الدوائي، والذي بدوره يفقد تأثيره على المريض، وظهور ضعاف النفوس في زمن غاب فيه الضمير والأخلاق، بالإضافة إلى ظهور تجار الحروب الذين يتاجرون بكل شيء حتى بالدواء عبر التهريب مثل “الديكلوفيناك الهندي”، الذي يسبب هبوطا في ضغط الدم إضافة إلى ظهور أدوية فاسدة منتهية الصلاحية.
ونقلا عن وكالة سانا الموالية للنظام، فقد ضبطت مديرية صحة حلب بالتعاون مع فرع الأمن الجنائي في بداية الشهر الحالي معملا مخالفا لتعبئة وتغليف الأدوية منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر والتركيب في حي حلب الجديدةٍ، المعمل مؤلف من قبو وعدة غرف، ويحوي كميات كبيرة من الأدوية مجهولة المصدر أو منتهية الصلاحية وآلات تغليف ولصاقات بأسماء الأدوية وعلب بلاستيكية فارغة للتعبئة.
وتأمل أم أحمد أن تجد الدواء بأسعار مقبولة وأن يتوفر بالصيدليات وذو تأثير فعال ليخفف من معاناتها.
راميا فياض
المركز الصحفي السوري