بعد تطور الأوضاع السورية و اتساع رقعة الصراع بين الفصائل الثورية و قوات النظام على الأراضي الثورية، عمد حزب الله على إنشاء عدة مواقع عسكرية خاصة به فوق الأرض السورية خاصة في منطقة القلمون القريبة من الحدود اللبنانية، و التي أصبحت نفقاً لنقل المعدات العسكرية و جنود الحزب من الداخل اللبناني إلى الأراضي السورية للمشاركة في القتال.
و في النصف الثاني من عام 2015، قامت قوات النظام مدعومة بميليشيات حزب الله و الميليشيات الإيرانية بفرض حصار محكم على مدينة الزبداني التابعة لمحافظة ريف دمشق و التي تقع على بعد 45 كيلو متر شمال غرب العاصمة دمشق، فكان السبب الأساسي في الحصار هو أن الزبداني أصبحت منطقة آهلة بالسكان، و التي انضم إليها أناس كثيرون من القلمون ممن يعتبرهم النظام السوري و حلفاؤه حاضنة شعبية للإرهاب و المسلحين على حسب زعمهم.
و رغم ميل كفة ميزان القوى إلى قوات النظام من حيث العدة و العتاد، إلاّ أن الفصائل الثورية و المواطنين المحاصرين داخل الزبداني و مضايا و المناطق المحيطة بها أثبتوا من خلال صمودهم و تحديهم بأن إرادتهم لا تهزم، فاستطاعوا تكبيد حزب الله و الميليشيات المحاصرة لهم خسائر كبيرة، إذ بلغ عدد ضحايا عناصر حزب الله المعلن عنهم ما يقارب الـ 108 قتيلاً في الزبداني و 196 قتيلاً منذ بدء معركة القلمون في أيار/مايو حسب موقع الجزيرة نت.
و بعد هذه الخسارات المتكررة التي تكبّدها حزب الله في سوريا و في معاركه في جرود القلمون و توعّده أكثر من مرة بأنه سيقتحم مع جنوده لمدينة الزبداني المحاصرة، كشفت مصادر دبلوماسية لبنانية وردت في موقع مفكرة الإسلام أن حزب الله يعتزم الانسحاب من الحرب السورية بعد انتهاء معركة الزبداني بسبب خسارته الكثير من مقاتليه، و قالت المصادر أن حزب الله أبلغ النظام السوري أنه في أعقاب حسم معركة الزبداني، فإن عناصره لن يشاركوا مجدداً في الهجمات ضد المعارضة إلى جوار القوات النظامية لكنها ستنتقل للعمليات الدفاعية فحسب وذلك وفقاً لصحيفة ديلي ستار اللبنانية.
و بعد الهدنة التي أبرمت بين جيش الفتح و قوات النظام بشأن الحصار على الزبداني و محيطها و قريتي الفوعة و كفريا في ريف ادلب، أكدت مصادر عسكرية من ثوار القلمون في الريف الدمشقي أن انسحاباً كبيراً لجيش النظام و ميليشيا حزب الله شهدته جبهة الزبداني في غوطة دمشق الغربية، علماً أن جهة الانسحاب كانت الجبهات الأخرى في ريف دمشق و خاصة جبهة داريا التي يعمل النظام على اقتحامها.
تضمنت تلك الانسحابات عدد كبير من سيارات الجيب التي تقل العناصر المقاتلة إلى جانب سيارات الزيل العسكرية و عدد من الدبابات و عربات ال bmb و قواعد الصواريخ والمدافع الميدانية والتي ينوي الحزب استخدامها في جبهة داريا و جوبر و الجبهات المشتعلة الأخرى.
هذا و قد شنت الطائرات الاسرائيلية مؤخراً عدة غارات جوية استهدفت مواقعاً و شحنات أسلحة لحزب الله على الأراضي السورية، كان أولها بعد اندلاع الحراك الثوري في الخامس من أيار/مايو من عام 2013 و التي استهدفت شحنة صواريخ إيرانية كانت قادمة لحزب الله.
توالت بعدها الغارات الجوية التي استهدفت حزب الله فوق الأراضي السورية في عام 2014 و 2015 لتكون آخرها في 23 تشرين الثاني/نوفمبر من العام الحالي، حيث قامت الطائرات الاسرائيلية بشن 4 غارات جوية استهدفت من خلالها مواقع للنظام السوري و حزب الله في جبال القلمون، نتج عن ذلك ثمانية قتلى من مقاتلي حزب الله و خمسة جنود سوريين حسب ما أورد موقع ” السورية نت “.
لم يتردّد حزب الله اللبناني يوماً منذ بدء الحراك الثوري في سوريا في منتصف آذار/مارس من عام 2011، في مشاركة قوات النظام السوري في مواجهة الاحتجاجات الشعبية و التي قوبلت بالرصاص الحي و القمع الشديد.
دفع حزب الله بالمئات من قوات المشاة الخاصة به و العشرات من آلياته المجنزرة و مدفعياته الثقيلة إلى الداخل السوري لمساندة قوات النظام في مواجهة قوات الفصائل الثورية، ناسباً هذا الدعم إلى أن النظام السوري هو القوة الممانعة و المقاومة الوحيدة في المنطقة بعد ما وقف إلى جانبه في حرب تموز 2006، فكانت أكبر المعارك التي شاركت فيها قوات حزب الله في قمع الحراك الثوري و مواجهة الفصائل الثورية هي معركة القصير في حمص قبل عامين من الآن، إذ أعلن الحزب رسمياً الانضمام للحرب السورية في أيار/مايو من عام 2013.
خسارات كبيرة في العدة و العتاد لحقت بحزب الله بعد تدخله في سوريا، الأمر الذي دفعه لانسحابات ” تكتيكية ” كحليفه نظام الأسد و الذي اعتاد الشعب السوري على انسحاباته التكتيكية منذ بدء المعارك مع الفصائل الثورية.
المركز الصحفي السوري – محمد تاج