في سوريا، مشاهد لم تسمع، وقصص لا تصدق يقوم بها عناصر الأمن والميليشيات المساندة له ضد الشعب السوري الذي دفع الأثمان الباهظة لقوله كلمات الحرية، فحول النظام المدارس إلى معتقلات، والأفران والمدارس تشهد على الجرائم التي حصلت بداخلها، لكن في ريف دمشق قصص لم تروى، ومجازر لم تُعرف، والمعروف عن مستشفيات النظام أنها أشبه بالمسلخ، الداخل إليها مفقود والخارج مولود هكذا وُصفت المشافي منذ بدء الأزمة السورية.
في مستشفى “يوسف العظمة 601” بدمشق الذي تحول من خدمته الإنسانية في إنقاذ البشرية بكادره وأطبائه إلى قتلها، فيحدث بداخله يومياً صور غاية في الوحشية لما كان يجري بداخله من تعذيب وقتل بلا رحمة بحق المعتقلين، وبحسب تقرير نشرته “زمان الوصل” فإن أحد الممرضين التحق بالمشفى كمجند إجباري.
الممرض الذي رفض ذكر اسمه أفاد بأن المستشفى قد تحول إلى مكان يجمع فيه المعتقلون والمهددون بالموت جراء أعمال التعذيب في أقبية الأفرع الأمنية، حيث تقوم سيارة الإسعاف في كل يوم بنقل عدد من المعتقلين إلى مشفى يوسف العظمة، ليعتقد المعتقل بأن التعذيب قد انتهى وأنه سيُشفى، لكن الأمر كان على عكس ذلك، فأعمال التعذيب تزداد وبشدة ويحرم المعتقل من الطعام والشراب وحتى الدواء”.
ويتألف المشفى من بناءين، بناء قديم وبناء جديد، عند دخول المعتقل إلى المشفى يُسجن لمدة عام في البناء الجديد والخاص بالمرضى، حيث تم تخصيص غرفتين في كل طابق للاعتقال، وبعد فترة قليلة تم نقل المعتقلين إلى البناء القديم.
يقول أحد الناجين من ذلك المشفى: “دخلت إلى المشفى وقد عُصبت عيناي بقطعة قماش، بعدها تم نزع ثيابي ووضعي على السرير وتقييد أطرافي بالسرير ليتناوب الأطباء والممرضين والمجندين وحتى عمال النظافة في ضربنا وتعذيبنا، في النهاية يتوفى المعتقل نتيجة التعذيب لينقله الممرضون بعدها إلى المشرحة فتلك كانت مهمتهم”.
ويصف الممرض الذي رفض ذكر اسمه أعمال التعذيب التي تتم داخل المشفى ومنها ” إمساك الموقوف من إصبعه وإرجاعه بعكس اليد حتى تلامس ظهر اليد، ويسمع صوت كسر الإصبع، وحينها يمنع على الموقوف أن يتألم أو يصدر أي صوت، وإلا كان مصيره المزيد من الضرب والتعذيب، كما يتم إطفاء السجائر في جسد الموقوف، حتى أنهم نادراً ما كانوا يطفئونها في الأرض”.
والعناصر التي تتناوب على تعذيب المعتقلين هم من الطائفة العلوية، ويقسمون على ثلاثة أقسام منهم عناصر المفرزة الأمنية والموجودة في المشفى لمراقبة المعتقلين المرضى، بالإضافة لعناصر المشفى من أطباء ومدنيين وعسكريين، وعسكريين يقومون بخدمة العلم بصفة ممرض، كما يتعرض المعتقلون للتعذيب من قبل المرافقين للمرضى الذين أصيبوا على يد الثوار في المعارك.
وبحسب “زمان الوصل” التي حصلت على إحصائية مقدرة عن عدد ضحايا التعذيب في (601)، بأن العدد الوسطي يقدر بـ90 جثة في اليوم، أي بمعدل 30 جثة خلال المناوبة الواحدة.
وتأتي هذه الأرقام نتيجة عمليات التعذيب الممهنجة، فيتعرض المعتقل خلالها لعدة أسباب تنتهي بمفارقة الحياة ومنها الفشل الكلوي الناتج عن الضرب المبرح على منطقة الكلى مما يسبب فشلاً في عملها وبالتالي عدم قدرة الجسم على تصريف السموم منه.
يقول أحمد أحد المفرج عنهم “يمنع المعتقل من الدخول إلى الحمام مما يضطر للتبول على نفسه ويُصاب بعد أيام بمرض “الخشكريشا” وتعفن في الجلد والألم الذي ينتهي بالموت، لتنقل الجثث بعدها عن طريق نفق يصل بين البناء القديم والجديد، لتكدس الجثث في برادات بداخله، ولكن البرادات غير متصلة بالكهرباء، لأنهم وبحسب وصف عناصر الأمن كلاب ما بيستاهلوا ينحطوا بالبراد مع جثث الجيش”.
شعبٌ تعاظمت الأمم على جسده لتقطع وتفتك وتقتل فيه، لم تكن الحرب على السوري من قبل النظام وعناصره وميليشياته فقط، بل كان للطبيب والممرض الدور الأبرز في التسلي بتعذيب المعتقل وقتله من خلال أفكاره التي زرعها النظام في نفوس الضعفاء من هؤلاء.
سائر الإدلبي.
المركز الصحفي السوري