فتحت الأزمة الاقتصادية والمعيشية والصحية الخانقة، لاسيّما في ظل انعكاسات الانتشار الكبير لفيروس كورونا الباب واسعا أمام أذرع إيران العقارية من وسطاء وسماسرة وقادة مليشيات للاستمرار في عمليات الاستملاك ووضع اليد الإيرانية على المزيد من العقارات في العاصمة دمشق ومحيطها مستغلين الضائقة المالية الكبيرة التي يرزح تحتها السوريون في مناطق نظام أسد.
فرض واقع جديد
فبعد أن تمكنت إيران خلال السنوات الماضية من وضع يدها على آلاف العقارات من فنادق ومطاعم ومنازل ومحال تجارية في عدة مناطق من دمشق القديمة، ولا سيّما بجوار المقامات الشيعية المزعومة، تواصل مخططاتها بفرض واقع سكاني جديد عبر ربط مناطق مخيمي اليرموك وفلسطين بمنطقة السيدة زينب لتشكيل ما بات يعرف (الضاحية الجنوبية لدمشق) وذلك على غرار الضاحية الجنوبية لبيروت.
وضمن هذا السياق يقول الباحث الاقتصادي عمر أحمد لـ”أورينت نت” إن ما يجري حاليا يندرج في إطار الخطط الإيرانية لتوسعة نفوذها العقاري في دمشق بعد أن استطاعت استملاك مئات العقارات المهمة في أحياء دمشق القديمة (الشاغور- الجورة – العمارة – القيمرية) وغيرها من المناطق المحيطة بمقام السيدة زينب كالبويضة وحجّيرة والحسينية وعقربا وغيرها، حيث يوجد تركيز حاليا من خلال وسطاء وسماسرة إيران على جنوب دمشق وخاصة مخيمي اليرموك وفلسطين.شبكات منظمة
ويتابع أحمد أن “إيران لديها شبكات منظمة مخصصة لاستملاك العقارات في دمشق مؤلفة من سماسرة ووسطاء ومكاتب عقارية، ناهيك عن قادة مليشيات وأشخاص مرتبطين بالأجهزة الأمنية للنظام، وجميع هؤلاء يستغلون الوضع الاقتصادي المنهار وحاجة الناس لدفعهم لبيع ممتلكاتهم، مستخدمين وسائل الترغيب تارة والترهيب تارة أخرى”.
ويستطرد أحمد بالقول إن “الانخفاض الكبير لقيمة الليرة أمام الدولار مؤخرا، إضافة إلى حالة العوز الشديد للناس ساهم بارتفاع وتيرة شراء العقارات بأسعار زهيدة، لاسيما في مخيمي اليرموك وفلسطين، وفي وسط دمشق بشكل أقل.
وينشط في هذا الجانب شركة “نيكين سوريا” وهي شركة استثمار إيرانية سورية تعود ملكيتها للإيرانييَن “محمد قاسم باقري” و”محمد رضا طبطبائي”، بينما يملك فيها السوري “علي عادل الحمصي” نسبة 12.5% فقط، وهي مختصة بأعمال البناء والعقارات، ووسعت مؤخرا من نشاطها جنوب العاصمة واستحوذت على العديد من عقود الاستثمار لبناء مجمعات سكنية فيها، إضافة لدورها في استملاك عقارات أهالي جنوب دمشق.عمل بالخفاء
فيما يذهب الخبير الاقتصادي يونس كريم في تعليقه لـ “أورينت نت” أن إيران لديها أطماع قديمة جديدة في السيطرة على وسط دمشق التجاري، لكن خططها اصطدمت بعدة عوائق منها: خطة أسماء الأسد بتحويل مركز العاصمة إلى ملاذ ضريبي آمن، ما اقتضى إبعادها عن هذه المنطقة وذلك للمحافظة على تدفق رؤوس الأموال الخليجية والعالمية في حال إعادة الإعمار، لكن النظام عوضها عن ذلك بفتح الباب أمام استثماراتها ومشاريعها في ضواحي دمشق الجنوبية والتي يلاحظ فيها نشاط عقاري إيراني واضح حاليا”.
ويستطرد بالقول إن ذلك لم يثنِ الاحتلالَ الإيراني عن محاولة العمل بالخفاء بعيدا عن أعين العقوبات الأمريكية عبر امتلاك أسهم وحصص في شركات استثمارية وعقارية من خلال شخصيات وواجهات مقربة للاستحواذ على القرار السياسي والاقتصادي في العاصمة دمشق.
يشار إلى أن الاحتلال الإيراني يعمل جاهدا على التغلغل في دمشق وضواحيها عبر الاستملاك المكثف للعقارات، مستغلا وجود بعض المقامات الدينية التي حوّل محيطها إلى ما يشبه المستوطنات الشيعية التي تعج بالمقاتلين والمواطنين الشيعة من أفغانستان وباكستان والعراق ولبنان وإيران.
نقلا عن اورينت نت