أجرت قناة CNN عربية أمس الأربعاء 8 تشرين الثاني نوفمبر لقاء مع مسؤولة التمريض الأمريكية التي غادرت غزة الأسبوع الماضي.
وصفت مديرة نشاط التمريض الأمريكية في منظمة “أطباء بلا حدود”، إميلي كالاهان، التي تم إجلاؤها من غزة الأربعاء الماضي، وعادت إلى الولايات المتحدة خلال نهاية الأسبوع، الأوضاع المأساوية التي شهدتها غزة و مدن القطاع والصمود والهدوء الذي اتسمت به الطواقم الطبية الوطنية في القطاع رغم معرفتهم بأنهم قد يتعرضون للموت في أية لحظة حيث لا مكان آمن في القطاع.
وفي ردها على سؤال الإعلامي : بداية ما هو شعورك بعد الخروج ؟ قالت إميلي: “الكثير من الناس يسألونني هذا السؤال وأنا حقًا لا أملك الإجابة الجيدة بالتأكيد أن لدي شعور بالارتياح كوني في الوطن و بين عائلتي ، و أواجه صعوبة في العثور على أية متعة”.
تحدثت إميلي عن مشاهد الرعب في المستشفيات و عن معاناة الناس في إسعاف المصابين و عن مشاهد الأطفال الذين تعرضوا للحروق المختلفة في صدورهم و وجوههم و حالات البتر و الجروح المفتوحة حيث يخرجونهم من المستشفيات على الفور لاستقبال غيرهم.
وقالت إميلي: “كنا إما أن نموت جوعًا أو عطشًا بنفاد الماء ، غزة مدينة صغيرة. لذلك يعرف الجميع بعضهم، وكانوا يتفضلون ويتصلون بأصدقائهم ويقولون: من تعرف أنه لديه طعام؟ من تعرف أن متجره مفتوح؟ أين يمكننا الحصول على هذا أو ذلك؟ كانوا يتجولون في كل مكان بحثًا عن الماء. عندما نفدت المياه المعبأة لدينا في غزة، كانوا هم الذين تمكنوا من معرفة أن شاحنة المياه كانت قادمة في الوقت المعين”.
وأضافت: “البعض منهم كان يقول أعلم أن هذا الرجل يعمل في متجر بقالة، أعتقد أنه ربما يمكنني الحصول على شيء منهم. عندما أقول إننا كنا سنموت جوعًا بدونهم فأنا لا أبالغ. وفي لحظات اليأس المطلق للمدنيين، كانوا صامدين وهادئين، يتحدثون معهم ويقولون لهم إن هؤلاء الأشخاص أيضًا يعيشون نفس الأوضاع، ليس لديهم الإمدادات وليس لديهم طعام وماء، إنهم ينامون أيضًا في الخارج على الخرسانة، وقد فعلوا ذلك بطريقة جميلة بحيث تمكنوا من تهدئتهم بالحب واللطف. لم يكن هناك عنف في قلوبهم، وكان ذلك يهدئ كل من حولهم أيضًا”.
وعندما سئلت إن كانت قد لمست شيئًا من ردات الفعل من الناس بسبب الأوضاع هناك قالت إميلي :” تم نقلنا 5 مرات على مدار 25 يومًا و استقر بنا الوضع في مركز تدريب في خانيونس و كان هناك 35 ألف نازح يعيشون بجانبنا و يحملون أطفالهم قائلين من فضلكم هل تستطيعون مساعدتنا و ليس لدينا أي إمدادات .. الناس اليائسون بسبب فقدان أحبائهم لمسنا بعض المضايقات و لكن الموظفين الوطنيين كانوا بجانبنا دائمًا يدافعون عنا و يقنعون الناس باللطف ، إنهم رائعون ظلوا معنا حتى تم تأميننا “.
وعند سؤالها عمَّا إن كانت ستعود إلى غزة، ردت إميلي: “على الفور، على الفور بالتأكيد. قلبي في غزة وسيبقى في غزة”.
وأشارت إلى أن “الشعب الفلسطيني الذي عملت معه – كل من موظفينا الوطنيين في المكتب وكذلك الموظفين العاملين لدى المستشفى الإندونيسي من أكثر الأشخاص الرائعين الذين قابلتهم في حياتي. عندما انطفأ كل شيء وحصلنا على إشعار بالتحرك جنوب وادي غزة، كنت أرسل رسالة نصية إلى الممرضات في المستشفى الإندونيسي و قد فقدنا ممرضًا في عطلة نهاية الأسبوع. لقد قُتل عندما انفجرت سيارة الإسعاف خارج المستشفى.. كنت أرسل لهم رسالة نصية عندما حصلنا على أوامر الإخلاء فقلت: هل انتقل أحد منكم إلى الجنوب؟ هل خرج أحد منكم؟هل سيأتي أحد منكم إلى هذا الجانب؟ والجواب الوحيد الذي حصلت عليه هو: هذا هو مجتمعنا، وهذه هي عائلتنا، وهؤلاء هم أصدقاؤنا. إذا كانوا سيقتلوننا، فسنموت لإنقاذ أكبر عدد ممكن من الناس”.
وقالت اميلي واصفة إعجابها بمن كان حولها: “قلت:إذا كان بإمكاني الحصول على ذرة مما في قلوبكم فسوف أموت سعيدة لقد كانوا لا يصدقون”.
واختتمت إميلي اللقاء بقولها : “أود أن أرسل تذكيرًا بأن هناك مدنيين يبحثون عن مأوى هناك وأن الأطباء والممرضات لم يغادروا المكان بسبب ولائهم لمجتمعهم، وأنا أعلم أن هناك فكرة يتم الترويج لها الآن مفادها أن أي شخص يتخلف عن الركب سيُعتبر بمثابة تهديد من نوع ما، وأريد أن أذكّر الناس بأن الأشخاص الذين بقوا في الخلف هم أبطال ، الأشخاص الذين بقوا في الخلف يعرفون أنهم سيموتون ويختارون البقاء على أي حال”.