يعلق غالبية الشعب الفلسطيني آمالا عريضة على جني ثمار المصالحة بين حركتي فتح وحماس وإنهاء الانقسام الداخلي، وتحسن الأوضاع المعيشية والاقتصادية، بعد سنوات طويلة من الحصار الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإسرائيلي على القطاع.
أكد خبراء اقتصاد لـ “عربي21”، أن إتمام المصالحة الفلسطينية، سيكون له دور كبير في إنهاء آلام سكان قطاع غزة التي أصبحت فوق أي احتمال، داعين جميع الأطراف المانحة والداعمة إلى تغليب مصلحة الشعب الفلسطيني فوق أي اعتبارات أو دوافع سياسية.
وقال الخبراء، إن تحقيق المصالحة سيولد الرغبة لدى المانحين في تنفيذ وعودهم السابقة بضخ الأموال وإعادة الإعمار، مشددين على أن الانقسام الفلسطيني الداخلي كان سببا في عشوائية إعادة إعمار القطاع وعزوف الكثير من المانحين عن دفع الأموال التي تعهدوا بها.
ويعيش في قطاع غزة، مليونان و56 ألفا و132 نسمة، منهم 51% ذكور، 82% من سكان قطاع غزة أقل من 40 عاماً بحسب أحدث إحصائية رسمية أعلنتها وزارة الداخلية بغزة، الثلاثاء الماضي.
وأوضح مسؤول الإعلام في غرفة وتجارة صناعة غزة ماهر الطباع، أن سكان قطاع غزة يأملون وقف نزف الخسائر المادية المباشرة وغير المباشرة للانقسام الفلسطيني، وما تبعه من حصار وحروب، والتي تجاوزت 15 مليار دولار خلال تلك المدة.
وقال في تصريحات لـ “عربي21″، إن إتمام المصالحة على أرض الواقع واستقدام حكومة الوفاق بالشكل المطلوب سيكون له انعكاسات إيجابية، في إنهاء الكثير من المعاناة التي فاقت احتمال سكان قطاع غزة، مؤكدا أن الانقسام تسبب في عشوائية إعادة إعمار القطاع، وعزوف المانحين عن دفع الأموال.
وتوقع الطباع، أن “يساهم إتمام المصالحة الفلسطينية في تنظيم وتسريع وتعزيز عملية إعادة إعمار قطاع غزة، مضيفا أن إتمام المصالحة سيولد رغبة المانحين في العودة إلى القطاع”.
وحول الخلاف السياسي بين الدول المانحة لقطاع غزة وتأثيره على الوضع الاقتصادي وإعادة إعمار القطاع، قال الطباع: “أتصور أنه لن يكون هناك تعارض بين الخلافات السياسية للدول المانحة والدعم المقدم لقطاع غزة”، مؤكدا أن استمرار الدعم من عدمه سيكشف عن الدوافع الحقيقية لعملية الدعم وسيكشف ما إذا كان الهدف منه أغراض سياسية أم مصلحة الشعب الفلسطيني.
وأضاف: “من أبرز الملفات التي تتطلب معالجة سريعة وعاجلة هي أزمة الكهرباء الطاحنة، التي يعاني منها قطاع غزة وكبدت الاقتصاد الفلسطيني خسائر فادحة، وهددت ما تبقى من القطاعات الاقتصادية وتسببت في ضعف إنتاجها.
وتابع: “الكهرباء استنزفت موارد الموطنين المعدومة في إيجاد حلول بديلة للكهرباء، إذ دفع المواطنين ثمن بدائل الكهرباء الباهظة من قوتهم اليومي، ما يزيد على مليار ونصف مليار دولار، وهذا المبلغ يكفي لإنشاء ست محطات توليد طاقة شمسية تنتج ما يزيد على 1000 ميجاوات، وهي ضعفا احتياج قطاع غزة للطاقة”.
وطالب الطباع الحكومة الفلسطينية بوضع آلية سريعة وعاجلة لفتح معبر رفح دائما، لتمكين المواطنين من السفر إلى الخارج للعلاج والدراسة والتجارة، لافتا إلى أن 99% من سكان قطاع غزة لا يستطيعون المرور من حاجز بيت حانون وفقا للإجراءات والمعايير الإسرائيلية.
كما طالب بالضغط على الجانب الإسرائيلي، لرفع الحصار عن قطاع غزة، وفتح المعابر التجارية كافة، وإدخال كل احتياجاته من الواردات من السلع والبضائع كافة، وإلغاء قائمة السلع المحظور إدخالها إلى قطاع غزة، والسماح بتسويق منتجات قطاع غزة الصناعية والزراعية في أسواق الضفة الغربية، وتصدير تلك المنتجات إلى العالم الخارجي، والمطالبة بإعادة التصاريح إلى آلاف التجار ورجال الأعمال التي سحبها الاحتلال خلال السنوات السابقة، ومعالجة ازدواجية القرارات والقوانين والتشريعات والإجراءات والضرائب والجمارك بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
وشدد مسؤول الإعلام في غرفة وتجارة صناعة غزة، على ضرورة وضع الخطط السريعة لتسريع وتيرة عملية إعادة إعمار قطاع غزة، قائلا: “حتى هذه اللحظة بعد مرور ثلاثة أعوام على الحرب الثالثة لم تبدأ عملية إعادة الإعمار الحقيقية، ومازالت تسير ببطء شديد كالسلحفاة ومتعثرة، وحسب آخر تقرير للبنك الدولي إن نسبة ما لبي من إجمالي احتياجات التعافي في خمسة قطاعات تأثرت بحرب عام 2014م لا تتجاوز 17%، وفي تقرير حديث لـ(أونكتاد) أكدت أن 84% من احتياجات قطاع غزة بعد الحرب لم تلب”.
وأكد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر في غزة، معين رجب، أن تحقيق المصالحة الفلسطينية سيفتح آفاقا واسعة في مختلف مناح الحياة الاقتصادية بما فيها إعادة إعمار القطاع، مؤكدا أن مشاريع إعادة إعمار غزة منذ 2014 لم ينفذ منها سوى 3%.
وأوضح رجب في تصريحات لـ “عربي21”، أن “إعادة الإعمار لا تقتصر فقط على البيوت السكنية، بل يجب أن تمتد إلى المنشآت الاقتصادية المدمرة، والمصانع والمزارع والمؤسسات الخدمية المختلفة.
وأضاف: “نحن لا زلنا في مرحلة قبول المصالحة من حيث المبدأ، ولكن لا زلنا في المربع الأول ومسألة التفاؤل بجنى ثمار المصالحة لا تزال نسبية”، مؤكدا أن ثمار المصالحة لن تأتي بين عشية وضحاها، وأنه ليست هناك قرارات ثورية يتم اتخاذها لكي تصحح أوضاع الخلل الكبير في اقتصاد قطاع غزة.
وأشار رجب إلى أن الوضع العربي والإقليمي والدولي لم يعد كما كان في السابق، وبات أكثر تعقيدا في ظل المتغيرات الجيوسياسية التي يمر بها العالم كله، مطالبا الحكومة الفلسطينية بضرورة التعامل مع هذا الوضع المعقد على النحو الذي يحقق مصلحة المواطن الفلسطيني، وعدم الانجرار وراء تحالفات أو استقطابات بعينها.
وتابع: “المسألة ليست سهلة، ولكنها مسئولية الفلسطينيين وحدهم، الذين يجب عليهم التعامل بدبلوماسية تكون على مسافة متساوية من جميع الأطراف، وعلى الدول المانحة أن تلتمس العذر للفلسطينيين، وأن يقتصر دورهم على النصح والدعم وليس التدخل أو التأثير على القرار الفلسطيني”.
عربي 21