معروف عن نساء العالم أجمع بشغفهن وحبهن للتسوق والتجول بين محال الألبسة والأحذية والحقائب وغيرها، لشراء مايحلو لهن وبالأخص في فصل الصيف تكتظ الأسواق وتفتح لساعات متأخرة من الليل، إلا أن الحرب في سوريا غيرت كثيرا من عادات النساء وفرضت عليهن عادات أخرى بما يتماشى مع الظروف الراهنة.
كانت “نزلة السوق” كما تسميها نساء مدينة ادلب عادة يقمن بها لشراء لوازمهن، لكن من يتجول في أسواقها في الوقت الحالي يجد تغيرا جذريا فيها، أم يزن أرملة من المدينة تقول :” بعد وفاة زوجي إثر غارة جوية على سوق المدينة في رمضان الماضي، أصبح عندي ردة فعل عكسية، أصبحت أكره أن أمر فيه وأتخيل زوجي أمامي، لا يمكنني أن أنسى المجزرة التي وقعت يومها”.
وتضيف أم يزن:” اضطر للذهاب للسوق في بعض الأحيان فلا معيل لأولادي غيري ويجب علي تأمين متطلبات البيت بشكل شبه يومي، وما إن أصل إليه حتى تبدأ صافرات الإنذار بالدوي لتنبيه الناس بتواجد الحربي في سماء المدينة، أشعر حينها بالذعر، فلا أريد لأطفالي أن يعيشوا يتيمي الأم والأب، لذلك أحضر أغراضي من عند أول محل أصادفه في طريقة وأعود بسرعة”.
بات واضحا عند الجميع أن الطيران السوري والروسي يستهدف باستمرار الأسواق والتجمعات المدنية ليحقق غايته بقتل أكبر عدد ممكن منهم، فقد كانت النساء سابقا وحتى الرجال يجوبون السوق بأكمله ويلقون نظرة على أسعار المنتجات ونوعيتها لاختيار الأجود منها وبعد ذلك يقررون ماسيشترون، لتقتصر حاليا المشتريات على الضروريات ومن عند بائع واحد خشية من الطيران الحربي.
أبو عبدو بائع ألبسة جاهزة في سوق ادلب:” أجلس كل يوم في المحل أضع يدي على خدي وأنتظر قدوم ولو زبونة واحدة وأحينا أغلق المحل كالعادة عند السابعة مساء دون أن أبيع شيئا، فقد كنت في السابق مثل هذا الوقت من السنة أوصي على عدة طلبيات لأتدارك الازدحام، لكن وبسبب ارتفاع الأسعار واستهداف السوق باستمرار بضاعتي لم تتغير منذ سنة وتكاد تكسد سبحان من يغير الأحوال، فالسوق لاتكاد تجد فيه نساء بل يقتصر على بعض الرجال وللأمر الضروري”.
حرمت الحرب نساء ورجال سوريا من عاداتهم وطقوسهم التي اعتادوا ممارستها لتستبدلها بأخرى، فالعروس كانت في السابق تقضي أسابيع قبل زفافها في الأسواق لاستكمال “جهازها” وليكون كاملا لاينقصه “إبرة” كما يقال، ليقتصر “جهاز” العرس على لوازم البيت الضرورية وبعض الملابس، فلم يعد لأسواق ادلب بهجتها كالسابق ولم يعد “لنزلة السوق” متعة بل تحولت لشر لابد منه بغية تأمين متطلبات البيت لا أكثر.
المركز الصحفي السوري ـ سماح الخالد