ما قبل حلب.. وما بعد حلب

سقوط حلب بيد النظام السوري أو بالأحرى بيد الحرس الثوري الإيراني وخصوصاً بعد ظهور قاسم سليماني وهو يتجول في أحياء حلب وقلعتها, غيّر الكثير من الحسابات والتوقعات والمسارات عند الثوار في الداخل والمعارضة في الخارج, بل حتى عند الأطراف الفاعلة جميعها, بقيت حلب أربع سنوات متواصلة بيد المعارضة المسلحة, صحيح أن النظام كان يسيطر على نصف المدينة ويتقاسم مع المعارضة النصف الآخر, إلا أن الجميع من النقاد والمحللين العسكريين كانوا يعتبرون أن تواجد قوات المعارضة في نصف حلب هو بمثابة سيطرتها على كامل المدينة كون النظام السوري أعلن منذ أربع سنوات عن عزمه تحرير المدينة، والمدة لن تتجاوز أسابيع معدودة وباءت جميع محاولاته بالفشل, أما اليوم فقد تمكن النظام من بسط سيطرته على كامل تراب المدينة سوى أحياء قليلة بعد تدخل قوي من الأطراف الداعمة له من الروس والإيرانيين.
طبعاً السيطرة على حلب قلبت العديد من الحسابات وخصوصاً تلك الحسابات التي تتعلق بالمعارضة وقواتها, وأعادت المعارضة إلى نقطة الصفر في تلك الدائرة المفرغة التي باتت تدور المعارضة في فلكها منذ سنة تقريباً وحتى الآن, فالمجتمع الدولي بدأ ينحاز بشكل واضح مع النظام وإيران وروسيا في مشروعهم المشترك في القضاء على الثورة السورية, وكانت حلب هي رأس الحربة لهذا المشروع.
الحسابات كما ذكرنا كثيرة ودخلت نفقاً معتماً, تتعلق بالعديد من الأسئلة حول موقف المجتمع الدولي الأخير والخجول تجاه التطورات الأخيرة في حلب, وأيضا موقف ما يسمى بمجموعة أصدقاء الشعب السوري, التي غابت مواقف العديد منها فجأة, بل انتهى دور الكثير من أعضاء هذه المجموعة منذ ثلاث سنوات بشكل كامل, ويبرز في المقدمة حسابات التماشي الدولي مع رغبة هذا الحلف الثلاثي المتشكل من إيران وروسيا والنظام السوري في قمع الثورة وإنهائها, وقد تجلى ذلك في الرضا التام عن أداء المبعوث الدولي على سورية “ستيفان ديمستورا” والذي بدأ يمهّد ويشير صراحة إلى رغبة الجميع في خروج قوات المعارضة من حلب متغاضياً عن تواجد المليشيات الإيرانية داخل المدينة.
دور الولايات المتحدة الأمريكية الذي بات مؤخراً هو عبارة عن تحصيل حاصل, ليس له أي بعد واضح من شأنه تغيير ميزان القوى على الأرض السورية, وخصوصاً بعد تلك التصريحات غير الإيجابية التي أدلى بها رئيس أمريكا المرتقب “دونالد ترامب”, فهل سيبقى تعويل المعارضة على الدور الأمريكي بعد حلب, بالزخم نفسه الذي كان موجوداً قبل حلب؟
ومن الحسابات المعقدة أيضاً, هي تلك الحسابات المتعلقة بالتعويل على الدور التركي الذي كان داعما للثورة بشكل كبير قبل حلب, أما الموقف التركي الجديد بعد حلب فهو موقف مختلف تماما, ويتهم البعض السلطات التركية بأن سقوط حلب كان على حساب تحسين العلاقات التركية-الروسية, والتركية- الإيرانية.
أيضاً حسابات تتعلق بمقدار الثوار في الاعتماد على القدرات الذاتية, بعد أن قام المجتمع الدولي باستدارة ظهره للثورة وهذا يبدو واضحاً في المشهد الذي تلا سقوط حلب, وهل سيستمر النظام والروس والإيرانيون بشن هجماتهم ضد بقية المناطق, أم أن الأنباء التي بدأت تتحدث عن تسوية سياسية تلوح بالأفق يدفع باتجاهها الجميع كالروس والأتراك والأمريكيين, وقد عبرت العديد من التصريحات الأخيرة لكل من وزير الخارجية الأمريكية والرئيس الروسي فلاديمير بوتين, ومفادها أن الوقت حان لوقف شامل لإطلاق النار, ولكن حلب كانت هي الضحية لهذا المخطط الكبير.
تكهنات كثيرة وحسابات عديدة وأسئلة غامضة تدور في فلك هذا الطرح “ما قبل حلب, وما بعد حلب”, ولكن الأيام القادمة ستكشف لنا تداعيات كبيرة مترتبة حول سقوط حلب.
المركز الصحفي السوري- فادي أبو الجود

اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا

 

المقالات ذات الصلة

النشرة البريدية

اشترك ليصلك بالبريد الالكتروني كل جديد:

ابحثهنا



Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

Add New Playlist