دأب النظام السوري ووسائل إعلامه خلال الأسابيع القليلة الماضية، على نفي تسجيل أي إصابة مثبتة بفيروس كورونا، وذلك على الرغم من الأنباء المتواترة عن تواجد مصابين في مدن عدة، منها دمشق، وحمص، ودير الزور.
وكانت مصادر متطابقة، قد تحدثت عن انتشار الفيروس في سوريا، متهمة النظام السوري بإخفاء الحقائق، ومحذرة من خطورة إنكار انتشار الفيروس، في المقابل أكدت انتقال عدوى كورونا إلى الداخل السوري، عن طريق عناصر الميليشيات التابعة لإيران، وقوافل الحجاج الإيرانيين التي لا زالت تتوافد إلى «السيدة زينب» في دمشق، دون اتخاذ إي تدابير طبية من جانب النظام السوري على المعابر البرية والمطارات.
الكاتب الصحافي زياد الريّس، أكد لـ»القدس العربي»، أن منطقة «السيدة زينب» في العاصمة دمشق، كانت أولى المناطق التي شهدت إصابات بفيروس كورونا في سوريا، وذلك بحكم أن المنطقة مكتظة دائماً بالحجاج الشيعة من إيران والعراق. وأضاف، أن كورونا سجل انتشاراً كذاك في مدينة البوكمال في ريف دير الزور الشرقي، مؤكداً أن «العشرات من عناصر المليشيات التابعة لإيران، هم تحت الحجر الصحي في البوكمال».
وحسب الريّس، فإن عدد حالات الإصابة بكورونا في سوريا تجاوزت الـ800 إصابة قبل نحو أسبوع، مضيفاً أن «الأعداد الحالية كبيرة ومخيفة، حيث تفشى الفيروس في عموم الثكنات العسكرية التي تسجل تواجداً للمليشيات الإيرانية، ومنها مطار الشعيرات، ومطار حماة العسكري، ومطار حلب الدولي». وما يبدو لافتاً إصرار النظام السوري على إنكار انتشار كورونا، ما يطرح تساؤلات عن التداعيات التي يحاول النظام السوري تفاديها من خلال نفي ذلك.
وزير الصحة في «الحكومة السورية المؤقتة» المعارضة، الدكتور مرام الشيخ، أشار في حديث لـ»القدس العربي» إلى الأنباء المؤكدة عن تسجيل مناطق النظام السوري إصابات بفيروس كورونا. وأضاف أن النظام السوري، الذي يمر حالياً بأزمات عديدة، وعلى رأسها أزمة الفقر ونقص كل شيء، لا يريد أن يزيد من امتعاض الفئات الصامتة، ويريد بدلاً عن ذلك إيهام القاعدة الشعبية بقوة النظام الصحي لديه. وقال الشيخ، إن «النظام السوري يريد أن يدلل على قوته بقوة منظومته الصحية، وهي رسائل موجهة للداخل لكي لا يزيد من الغضب الشعبي ضده، وللخارج للإيهام بقوة الدولة».
وحسب الشيخ، لا يريد النظام أن يثير الفوضى من خلال منع دخول الحجيج الإيرانيين والميليشيات الإيرانية، ولا يريد أن يغضب إيران، لأن الإعلان عن تسجيل إصابات سيجبره على إغلاق الرحلات من وإلى إيران».
الباحث في مركز «جسور للدراسات»، عرابي عرابي، قال لـ»القدس العربي»، إنه من الناحية الطبية ليست سوريا محميّة من الإصابة بفيروس كورونا، خاصة مع شبه انهيار القطاع الطبي فيها، بسبب الأزمة المستمرة منذ تسع سنوات سواء بمغادرة الكوادر الطبية، أو تدهور الخدمات المقدمة أو عدم وجود الخبرات والمعدات اللازمة للكشف عن الإصابات أصلاً. وأوضح أن الاعتراف بوجود إصابات بفيروس كورونا، سوف يجبر النظام نظرياً بإتباع إجراءات جدية كفرض العزل الصحي على المصابين به، وهذا غير ممكن في ظل الانهيار التام لأطقمه ومستشفياته.
وأضاف عرابي، كذلك لا يريد النظام إيقاف دخول المقاتلين في صفوف الميليشيات الطائفية من المصابين وغير المصابين من القادمين من الدول الموبوءة بكورونا، حيث أن الإعلان عن الإصابات ستوجه الأنظار الداخلية والخارجية على ضرورة إغلاق المعابر البرية والجوية مع الدول المصابة بها، وأبرزها إيران، وهذا ليس من مصلحة النظام. وحسب الباحث، فإنه ليس من المستغرَب إصرار النظام على إنكار وجود كورونا، حيث أنه قام في السنين الماضية بأكبر الجرائم الانسانية على مدار عقود، ولذا فإنه لن يتأثر بالتكتم على آلاف الوفيات إن حصلت في سوريا بسبب هذا المرض.
وثمة سبب آخر، يرغم النظام السوري على عدم الاعتراف بانتشار كورونا في مناطق سيطرته، وهو الحرص على دعم معنويات جنود النظام في الجبهات، خاصة أولئك الذين هم على تماس مع الميليشيات الإيرانية، حيث أن انتشار هذه الشائعة سيؤثر بطبيعة الحال على مسار العمليات العسكرية، وفق عرابي.
نقلا عن القدس العربي