تفاعلت بعض الصحف والمواقع الإخبارية مع خبر وصول وفد روسي رفيع المستوى إلى العاصمة السورية دمشق، اليوم الاثنين، في زيارة تهدف إلى إجراء مباحثات مع المسؤولين السوريين في النظام، حول تطوير التعاون الثنائي وتعزيزه في مختلف المجالات، والذي يرأسه الروسي نائب رئيس مجلس الوزراء الروسي يوري بوريسوف، ونائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف، كما صرحت بذلك وكالة أنباء النظام “سانا”.
ومن المتوقع أن تنتهي الزيارة اليوم بمؤتمر صحفي يعقد بمشاركة وزير خارجية النظام وليد المعلم ونظيره لافروف.
صحيفة القدس العربي نشرت عبر موقعها اليوم أن الزيارة تأخذ طابعاً اقتصادياً وسياسياً، إذ ترفض موسكو العقوبات أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري، وتعمل مع شركائها الدوليين على إلغائها أو التخفيف منها، من خلال مساعدات واتفاقيات توقعها مع الجانب السوري.
ونشرت الصحيفة كلاما للخبير السياسي رشيد للحوراني قوله أن الزيارة الروسية تأتي في ضوء التطورات الأخيرة، ووصول روسيا إلى أفق مسدود، إذ يبدو أن الأجندة ستناقش ملفات عدة أولها خلط الأوراق في شمال غربي سوريا، بعدة أساليب منها الادعاء بهجمات لفصائل متطرفة وهمية أنتجتها ماكينة الحرب النفسية الروسية، ككتائب خطاب الشيشاني، لتقول روسيا للرأي العام العالمي إن متطرفين من الشيشان يحاربونها في سوريا، ولا بد من التخلص منهم، وخلق المبرر وتأليب الرأي العام لدعم عملياتها، أو من خلال استهداف الجيش التركي وإطلاق النار على عناصره، من خلال تجندهم في المنطقة المحررة مستغلة ضعف الجانب الأمني فيها.
كما أضاف المتحدث للقدس العربي أنه من الوارد مناقشة الملف الأكثر تحديثاً وقابلاً لإحداث تغييرات جذرية في المنطقة، وهو التوتر الحاصل شرق البحر المتوسط، وما سيعنيه زيادة تواجد موسكو في اللاذقية وطرطوس من لعب دورٍ في ملف الغاز، بالإضافة إلى الملف الليبي الذي تشرف روسيا على نقل عناصر تابعة للنظام، لتقاتل إلى جانب قوات خليفة حفتر في ليبيا.
أما جريدة المدن فقد نقلت عن مصادر المعارضة أن الوفد الروسي سيضع النظام بمواجهة الحقائق الصعبة التي ترفض دمشق الاعتراف بها، وهي أنه من دون تقديم تنازلات حقيقية على الصعيد الدبلوماسي والسياسي فإن الأمور ستتجه للأسوأ، خاصة مع تصاعد هجمات تنظيم “داعش” في البادية، وإعلان الولايات المتحدة تأييدها للموقف التركي في إدلب، الأمر الذي شجع أنقرة على إطلاق تصريحات قوية خلال اليومين الماضيين.
وأضافت أن المصادر نقلت أن روسيا طلبت من الأميركيين التمهل في إصدار الحزمة الرابعة من العقوبات الاقتصادية ضمن قانون (قيصر)، والتي من شأنها أن تعقّد مساعي إطلاق عملية إعادة الإعمار المستقبلية أكثر، خاصة وأنه من المتوقع أن تشمل شخصيات ومؤسسات غير سورية، من لبنان وايران والإمارات وربما روسيا أيضاً”. وقالت إن موسكو وعدت بممارسة ضغط أكبر على النظام للإنخراط الجدي في العملية السياسية المتعثرة حتى الآن.
كما أكدت الصحيفة أن الزيارة تاتي في ظل حراك متصاعد في الملف السوري دبلوماسياً، إذ شهد الأسبوعان الماضيان لقاءات بين ممثلي الإئتلاف الوطني المعارض وعدد من مسؤولي الدول المؤثرة في الملف السوري، بينهم مبعوثو الإدارة والخارجية الأميركية، ومبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، وعُقدت هذه اللقاءات في جنيف وأنقرة.
وتعتقد مصادر المعارضة أن تحديد موعد قريب للجولة الرابعة من اجتماعات اللجنة الدستورية سيكون أول بند على جدول أعمال الوفد الروسي في دمشق، مشيرة إلى أن اتفاقاً أولياً جرى بين موسكو وأنقرة والمبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسون من أجل عقد هذه الجولة في الأسبوع الأخير من أيلول/سبتمبر.
أما موقع (عربي21) فقد أكد أن لافروف سيبحث والوفد السياسي والاقتصادي المرافق له، جملة من الملفات، على رأسها الملفات المتعلقة بالوضع الميداني في شمال غرب سوريا، حيث جرى حول هذه المنطقة تفاهمات تركية- روسية، وكذلك ملف “اللجنة الدستورية”، وآخرها الوضع الاقتصادي السوري المتهور.
وفي حديث الصحفي المختص بالشان الروسي رائد جبر لموقع عربي 21،أن الزيارة مخصصة لتناول ملفين في غاية الأهمية، الأول اقتصادي، متعلق بالأوضاع الاقتصادية المعقدة السائدة في سوريا، حيث الوضع الإنساني والمعيشي الصعب نتيجة كورونا وتأثيرات عقوبات “قيصر” الأمريكية، حيث تخشى روسيا من انهيار اقتصادي كامل.
والملف الثاني، حيث يرى جبر، أن روسيا بصدد وضع ملامح سياسية لتحريك الملف السياسي بشكل جاد، موضحا: “يبدو أن الرؤية الروسية للحل في سوريا قد نضجت، حيث كانت ترى موسكو أن اللجنة الدستورية بوابة للحل السياسي، لكنها اليوم ترى أن تشمل كل الملفات التي ينص عليها القرار الأممي 2254، أي الدستور، والمرحلة الانتقالية، والانتخابات” .
كما نقلت الموقع تصريح الباحث أحمد السعيد له قوله أن الزيارة تهدف في هذا السياق، إلى تهدئة الأوضاع في إدلب وجعل اتفاق إطلاق النار المنفذ منذ آذار/مارس الماضي مستداما، بما يخدم التحركات الروسية- التركية المشتركة في منطقة شرق الفرات.
المركز الصحفي السوري