غالبا ما نصطدم بمشكلة يتعرض لها معظمنا في فترات معينة من حياة أطفالنا، وعادة تكون لدى الطفل في السنوات الثلاث حتى الأربع الأولى.
ولتستليط الضوع على تلك المشكلة فلنتحدث بوضوح عن الأسباب، وبذلك نحاول أن نصل لأفضل الطرق للتوقف والامتناع، ولن يكون السبيل هو الضرب والقسوة، لأننا نعلم بالتأكيد أن القسوة تولد العنف والتمادي لإثبات الشخصية .وهذا لا يدعو للعجب فلابد من الاقتناع بأن للطفل شخصية مستقلة!!
في الفترة الأولى من تعلم الطفل المشي تظهر المشكلة لأسباب عدة منها: شعوره بالإحباط ،أو عندما لا يجد الكلمات التي يعبر بها عن نفسه بشكل ملائم. وتحكي إحدى المدرسات بأنها تتذكر طفلة صغيرة كانت تلميذة في فصلها وصلت لمرحلة مستعصية بسبب تلك العادة، فيوميا لابد أن تعض” أحد الأطفال، فكلما يقترب منها أحد الأطفال يكون ذلك الفعل هو رد فعلها الوحيد، وكان الأمر يشكل إزعاجا لوالديها، وكان الأمل أنها عندما تتعلم الكلام بشكل جيد سوف تتوقف، وبالفعل حدث ما كان متوقعا؛ فهي مثل غيرها من الأطفال ممن يستعيضون عن عدم قدرتهم على الكلام والتعبير عن أنفسهم بذلك السلوك !! للحصول على ما يبغونه.. وبطبيعة الحال هناك أطفال يصابون بالإحباط لسبب معاكس، كأن يمتلكون ثروة لفظية تزيد على طاقة رفاقهم.
والنزاع حول الألعاب من أهم أسباب إقدام الطفل على “العض” ويحدث غالبا بالمدرسة حيث يكون التفاعل والاحتكاك بين الأطفال اكثر وضوحا.
وقد أشارت أبحاث نشرتها مجلة طب الأطفال الأمريكية إلى أن نصف الأطفال في الحضانات يتعرضون “للعض” مرة على الأقل منذ التحاقهم بالحضانة !!..
والطفل قد يقدم على هذا السلوك لجذب الانتباه كأن تكون الأم مشغولة عنه بالتلفون ،فقد لاحظ الباحثون أن الأحداث الخطيرة عادة تكون في تلك الأوقات عند انشغال الآباء بالتلفون، وقد تكون إشارات اليد بالصمت والابتعاد دافعا لاعتقاد الطفل بأن هناك شيئا مهما يتحدث فيه الوالدان وأن إزعاجهما ومقاطعتهما أمر مستهجن !!ولكن العكس صحيح فإقدامهما على التحدث قد يمنع الحادثة.
إن “العض” أمر مروع لكل من الطفلين: الجاني والمجني عليه. وفي بعض الأحيان نجد الجاني هو من يبدأ بالصراخ.. ولأن أمامنا طفلين يصرخان فمن الصعب معرفة ما يجب فعله في تلك اللحظة. وبعض الخبراء يشعرون بأن أفضل شيء نفعله هو إعطاء الطفل الجاني فرصته، في حين نلتفت للمجني عليه، والدراسات تأكد أن منح الطفل المجني عليه الراحة والهدوء في حضور الجاني معناه منح الراحة للجاني أيضا، وخلق جو من التفاهم والشعور بأنه شخص كبير مسؤول !
قد يقوم الكبار بسلوك خاطئ عندما يعتمدون على أسلوب العقاب المباشر كالضرب أو الأوصاف القبيحة الموجهة للطفل أو غير المباشرة كمنع الطفل من “الآيس كريم” أو الحلوى التي يحبها لمدة أسبوع بغرض إفهامه كيف يشعر الطفل المجني عليه، وتلك الفكرة سيئة جدا لأنها ترد على العدوانية الزائدة بعدوانية مثلها.
المركز الصحفي السوري– محمد نور الأسود