عقدت إيران وتركيا محادثات سرية بشأن مقترحات سلام للأزمة السورية عام 2013 وحتى هذا العام أيضاً، بيد أن المحادثات انهارت وسط الشكوك المتبادلة وفق ما قاله تقريرٌ من المزمع نشره الثلاثاء 13 ديسمبر/كانون الأول 2016.
التقرير وضعته “مجموعة الأزمات الدولية” حول العلاقة الإيرانية-التركية، ويعتمد على مقابلات ولقاءات مع مسؤولين بارزين. ويتزامن نشر هذا التقرير مع التوصل الى اتفاق بين المعارضة السورية والنظام برعاية روسية تركية يضمن الخروج الآمن للمعارضة والمدنيين وسط تقارير عن حدوث “مذابح”، حسب ما قالته صحيفة الغارديان البريطانية.
هذا التقرير هو الأحدث بين سلسلة من الروايات عن فشل المساعي الدبلوماسية طيلة ستة أعوام من الحرب السورية التي راح ضحيتها قرابة نصف مليون شخص.
وجاء في التقرير إنه في سبتمبر/أيلول 2013، أي بعد 3 أشهر من انتخاب الرئيس الإيراني البراغماتي حسن روحاني، تقدمت طهران إلى أنقرة بمقترح سلام وُضِع بمشورة قاسم سليماني قائد قوات فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني.
وتضمنت الخطة وقف لإطلاق النار يتبعه تشكيل حكومة وحدة وطنية وإصلاح دستوري يهدف إلى الحد من سلطات الرئيس؛ ولعل أهم ما جاء في الخطة كذلك كان عقد انتخابات رئاسية وتشريعية بإشراف أممي.
ظلت هذه الخطة موضع محادثات دامت عدة أشهر من الزيارات الدبلوماسية المكوكية بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف ونظيره التركي أحمد داوود أوغلو، لكن هذه المحادثات انهارت في نهاية المطاف بسبب الخلاف على دور الرئيس السوري بشار الأسد مستقبلاً.
وجاء في التقرير على لسان ظريف “اتفقنا على كل التفاصيل باستثناء بند واحد في المرحلة النهائية من الخطة والتي تدعو إلى انتخابات بإشراف أممي، فلقد أراد القادة الأتراك عزل الأسد. وقد أشرت إلى أنه لا داعي للقلق من أمر الأسد طالما ستكون الانتخابات بإشراف أممي، خاصة أن للأسد –حسب زعم تركيا- سجلاً مريعاً وكتلة ناخبة تُعدّ أقلية. مع ذلك رفض داوودأوغلو، فذهبت كل مساعينا أدراج الرياح.”
ووفق ما جاء في التقرير الذي يحمل عنوان “تركيا وإيران: صداقة جافية، منافسة وطيدة” أن الحكومة التركية لم تقبل التصديق بأن الأسد سيرضى بأي عملية انتقالية تضعِف من قبضته على زمام السلطة، وأن أنقرة رأت وقتها أن هزيمة الأسد عسكرياً أمرٌ آتٍ عاجلاً أم آجلاً.
ووقتها قال الرئيس التركي آنذاك عبد الله غول لمجموعة الأزمات الدولية: “لم تمضِ حكومتنا في الاتفاق مع إيران لأنها رأت أن الأسد زائلٌ في غضون بضعة أشهر.”
وأضاف التقرير “كان من منظور أنقرة أن خسائر الأسد في المعركة ستزيل الحاجة إلى عقد تسوية وتنازلات، أو أنها على الأقل قد تحسّن من شروط الاتفاق.”
وقالت مجموعة الأزمات الدولية أن فرصة ثانية للاتفاق التركي الإيراني سنحت بعد فشل الانقلاب العسكري في تركيا شهر يوليو/تموز هذا العام عندما قدمت إيران على الفور دعمها لرئاسة رجب طيب أردوغان، ما أدى إلى ذوبان مؤقت في جليد العلاقات بين البلدين واستئناف المباحثات حول سوريا. في الوقت ذاته أيضاً أدى التقدم العسكري الذي أحرزته “وحدات حماية الشعب الكردية” شمال سوريا إلى مصالحة جديدة بين أنقرة وموسكو.
ومع أن الخلاف ظل سيد الموقف بين الطرفين التركي والإيراني حول مصير الأسد إلا أنهما ركزا المباحثات على قضايا أخرى مثل هل ينبغي أن يكون النظام في سوريا رئاسياً أم برلمانياً وكيف سيتم تقاسم السلطة وتشاركها بشكل عام.
وقال التقرير إنه بعد جولتين رفيعتين من المباحثات تعرقلت عملية التوصل لاتفاق وسط الشكوك المتبادلة التي تأزمت إثر اضطرار تركيا للتدخل العسكري المباشر في سوريا في عملية “درع الفرات” في محاولة لمنع وحدات حماية الشعب الكردية السيطرة على كامل المنطقة الحدودية.
هذا وأِشار التقرير أيضاً إلى أن “المسؤولين الإيرانيين عبَّروا عن دهشتهم من أن تركيا لم تخطرهم بعزمها بدء العملية [العسكرية] رغم وجود مسؤول إيراني رفيع المستوى في أنقرة اليوم السابق. ولعل تركيا خشيت أن تعمد إيران إلى تنبيه وحدات حماية الشعب الكردية” إلى العملية الوشيكة.