لم يستطع أبو مراد (65 عاماً) أن يغلق عيناه ليلة أمس من وساوس الخوف والقلق التي رافقت عتمة منزلة القديم بعد أن سمع نشرة الأخبار التي لا تخلو يوماً من أخبار سوريا الجريحة ومشاهد الدمار والقتل والتهجير وتآمر الغرب الذي وجد في سورية أطماعاً لا منتهية وأحلاماً مستقبلية خطط لها مسبقاً
وبتصريح معلن من قبل وزير الدفاع الروسي سيرغي شويفو أن القوات الروسية بدأت عملية واسعة ضد الإرهابين في ريفي حمص وإدلب بمشاركة حاملة الطائرات “الأميرال كوزينسوف “المتواجدة قبالة سواحل سوريا
بخطوات بطيئة مشى أبو مراد نحو غرفة الأحفاد، وقف أمام باب الغرفة ينظر إليهم نظرات الشفقة والخوف قائلاً “إلى أين سأرحل بكم يا صغاري.. آه مات ابني الأكبر مراد قتل بشظية عمياء طالته في السوق بعد استهدافه بطيران همجي تاركاً لي طفلين لم يشتد عودهما بعد،
واعتقل عبد الكريم على حاجز المدينة وهو في طريق العودة من ريفها، زوجته الصغيرة لم تحتمل ألم الانتظار على أمل العودة فأثرت العيش مع العائلة للتخفيف من الأوجاع، مع أبنائها الثلاثة تعمق الألم في قلبي وازداد اشتعال الشعر شيباَ”
مع إعلان القوات الروسية بدأ عمليتها الواسعة النطاق في ريفي إدلب وحمص ومشاركة السلاح الروسي من حاملة الطائرات المتواجدة قبالة سواحل سوريا التي أطلقت صباح الثلاثاء صواريخ “كالبير” الموجه عل أهداف تم تحديدها مسبقاً
تشتعل المنطقة المستهدفة توتراً وقلقاً حيال كارثة إنسانية جديدة يخلقها الروس المساندين لنظام أولى اهتمامه البقاء على سلطة زائفة
بالطبع التصريحات المبررة للجرائم جاءت كما يقول وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو “هي استهداف مخازن ذخيرة وأماكن تمركز ومعسكرات تدريب للإرهابين ومصانع لإنتاج أنواع مختلفة من أسلحة الدمار الشامل”
يعود أبو مراد من جديد ليتابع حديثه بعد أن أنهى سيجارته بأنفاس سريعة وهو متكئ على وسادة أصغر أحفاده “جميل ” الذي كان يناديه كما أخبرنا أنه “حشيشة قلبه” ومع عتمة الغرفة وضيق الحال ينام الكبير بقرب الصغير متلاحمين جمعتهم الأحزان في بيت الجدّ ليكون صدره الواسع رحمة لمن فقدها مكرهاً.
وبصوته المرتجف علت من فمه تراتيل قرآنية موجه نحو الأطفال محاولة منه لتحصينهم بكلام الله الذي لا يتوانى عن مناجاته في السراء والضراء..
واليوم مع ضعف أبي مراد وقلة حيلته زادت الحاجة للدعاء لعله ينجيهم من بطش من لا يخافه، ويقرب الفرج الذي طال انتظاره من أطفال ونسوة وطاعنين في السن، لا حول لهم ولا قوة إلا اللجوء إليه والاستغاثة به.
الجد أبو مراد وجيرانه في الحي لازموا بيوتهم في الصباح خوفاً من استهداف الطيران الروسي ومنعوا الأهل من مزاولة أعمالهم اليومية وحتى المدارس قل من ارتادها تحسباً، ومع صوت صافرات الإنذار معلنة بداية الحملة الشرسة فارقنا أبو مراد وهو يدمدم “اللهم أكفنا شر الطامعين وحقد من فقد الإنسانية ” وبقينا في مكاننا نرتجف خوفا لأن داخلنا الإنسانية، ونصمم على البقاء لنوثق واجبا إنسانيا وأخلاقيا كلفنا به مجبرين، وثقل حمله على طبائعنا المسالمة.
المركز الصحفي السوري – بيان الأحمد