ينتظر كثير من الأبناء والبنات إشراقة يوم 21 من شهر آذار من كل عام للاحتفال بيوم الأم العالمي والتسابق لتقديم الهدايا والمأكولات الشهية للتعبير عن حبهم لأمهاتهم وكأن هذا اليوم بات من ضرورات الحياة والاحتفاء به واجب مقدس بعيدا عن كافة الاعتبارات والأخلاق التي يجب التحلي بها في هذه المناسبة التي من المفترض أنها تحاكي جانبا إنسانيا.
ويعتبر يوم الأم كغيره من الأعياد موسما لمواقع التواصل الاجتماعي، فتصبح منصاته وسيلة لاستعراض مراسم الاحتفالات ونشر صور الأطباق والمأكولات، متناسين الهدف الأساسي من العيد، فيقضي كثير من السوريين الذين لم تطرق الحرب بابهم وقتا في صنع الحلويات والتفنن في عرض الصور المصاحبة للعبارات المنمقة ليقدموها لأمهاتهم، وكأنهم يستغلون هذا اليوم للتفاخر والتباهي أمام بعضهم وكأن قيمة الأمهات تقاس بمدى فخامة الحفلة والهدايا الفاخرة.
وبينما تنتظر أمهات العالم حلول هذا اليوم ليكون مميزا بكافة تفاصيله، تتمنى آلاف الأمهات السوريات ألا يحل عليهن فيذكرهن بأوجاعهن، فكم من نساء فقدن فلذات أكبادهن خلال سنوات الحرب الست ليغدو الاحتفال بعيد الأم عندهن عبارة عن دموع قلبهن المحترق، وبعض الصور والذكريات الأليمة التي تفتح عليهن بابا من المآسي والأحزان.
تقول أم عمر وتجاعيد وجهها تروي ألف حكاية ومعاناة:” فقدت أولادي الثلاثة بإحدى غارات الطيران الغاشم على مدينتي بنش، فمن كانوا يمنحون هذا اليوم صبغته الجميلة وخصوصيته قد أصبحت أرواحهم في السماء وأجسادهم الممزقة من شظايا الصواريخ الحاقدة باتت تحت التراب، فبأي عيد سأحتفل ومع من؟، مع ذكريات وصور أم مع وطن لا شيء فيه كما كان، ومع ذلك فإنني أحتفل كل عام قرب قبور أبنائي أجلس بجانبهم وأحدثهم عما بداخلي، وأقص عليهم قصص طفولتهم البريئة التي يحبون سماعها دوما”.
ليست الأمهات اللواتي كان أبناؤهن ضحية الحرب فقط من يذقن المعاناة في هذا اليوم، فلأم أحمد معاناة من نوع مختلف تشبه كثيرا من الأمهات السوريات:” بعد أن ضاق أبنائي ذرعا من الوضع في سوريا قرروا اللجوء إلى ألمانيا، وبقيت وحيدة برفقة زوجي ليكون عيد الأم على مواقع التواصل الاجتماعي أتكلم معهم مكالمة فديو وتبدأ الغصات الممزوجة ببكائنا مع قليل من الأمل والدعاء علّ العام القادم سيكون أجمل وستلتقي أجسادنا بعد طول فراق”.
من يعرف حجم المأساة التي تعانيها الأم السورية وبالأخص في المناطق المحررة يدرك تماما أن هذا العيد العالمي ليس للاحتفالات والصور، ليس للمفاخرة والهدايا، فكم من نساء حرموا من نعمة الأمومة، ليكون يوم الأم كابوسا يؤرقهن، فتحية لكل أم ولكل امرأة ولكل أنثى ضحت وتعبت دون مقابل.
المركز الصحفي السوري_ سماح الخالد