لعل العنوان مثير للجدل وغامض لكنه واقع يمثل حالة الشعب السوري الذي يواجه حقد آل الأسد منذ اندلاع الثورة السورية، وفي الذكرى الخامسة لثورة الشعب لابد من تلخيص معاناة الشعب المستمرة إلى الآن من غير تحريك ساكن يردع المتسبب باستشهاد أكثر من 300 ألف سوري، فليست فقط هيروشيما الوحيدة هي من قتل فيها أكثر من 140 شخص خنقاً من غير دماء عن طريق قنبلة الطفل الصغير النووية التي أطلقتها أمريكا عليها، فحتى الشعب السوري مات خنقاً بالغازات الكيمياوية السامة التي ألقتها طائرات النظام على عدة مناطق بسوريا كانت خسارتها الأكبر في الغوطة الشرقية البالغ عدد شهدائها أكثر من 1500 معظمهم أطفال ونساء.
بعد انقضاء 5 سنوات على الثورة السورية تبدلت أحداثً كثيرة كان أهمها نوعية السلاح المستخدم من قبل النظام السوري، ببداية الأمر عمد النظام لقمع المظاهرات السلمية بالرصاص الحي وعندما انتفضت بوجهه مدن كاملة لجأ للمدرعات الثقيلة (دبابات، مدفعية، راجمة صواريخ)، إلا أن تلك المذكورة لم توقف صوت الحق الذي صدح به الشباب الثائر، فوجد النظام بسلاح الجو الحربي والمروحي سلاحا آخر لكبت مطالب الشعب عن طريق الصواريخ الفراغية والبراميل المتفجرة فكان بذلك نظام الأسد طاغية عصره ولا سيما عندما ضرب شعبه بالمواد الفوسفورية الحارقة والقنابل العنقودية وصواريخ السكود الموجهة وآخر آلة تدميرية كانت مقدمة من حليفته روسيا ألا وهي الصواريخ البالستية البعيدة المدى من البوارج الحربية البحرية، وهذا ما يفسر القتل بيد حديدية بشكل غير مباشر بالتالي يوضح تركيب “دم من غير سكين”.
“القتال عبادة لا عادة”، لكنه في سوريا توجب القتال للعبادة والعادة فهو عبادة لأنه في سبيل الله وإعلاء كلمة الحق وراية الإسلام طالما أن جنود بشار رسموا على جدران المناطق التي دخلوها ودمروها عبارة ” لا إله إلا بشار ” وهذا شرك بالله علني واضح المعالم والأهداف التي يتبناها موالو بشار الأسد المتجلية بمصطلح “بشار للأبد أو نحرق البلد”، وبالانتقال للقتال “عادة” أي أن العادة البشرية تقتضي أن يدافع المرء عن نفسه حين يعتدى عليه وهذا شيء مباح للشعب السوري الذي لا يزال للآن مسفوك الدماء، مسلوب الحقوق مقيد منه ما يفوق 300 ألف بأقبية سجون الأسد، مهجر بفعل السلاح الجوي قرابة 4 مليون لخارج سوريا ومشرد أكثر من 6 مليون داخل بلدهم.
دراسة صدرت مؤخراً عن جمعية ” وورلد فيجين، وشركة فرونتير إيكونمكس الاستشارية” تقدر أن الحرب السورية التي تدخل عامها السادس السنة الحالية تكلف سوريا 3.2 مليار باوند شهريا كخسائر في النمو الاقتصادي بحلول عام 2020، إلا أن الخسارة الاقتصادية رغم أهميتها تبقى أمر غير قابل للمقارنة مع الثمن الغالي المدفوع من تأثر حياة 8 مليون طفل سوري.
لا شك أن الأزمة الاقتصادية ستترجم إلى خسائر بشرية في التعليم والصحة وتراجع المستوى المعيشي فبات أكثر 80% من الشعب السوري تحت خط الفقر وفق منظمة الأسكوا، خاصة بعد أن انخفاض كبير في المساعدات المقدمة للسوريين في السنتين الأخيرتين، ففي عام 2014 تم تأمين (57) % فقط من المساعدات اللازمة للنازحين في الداخل والخارج، وأن المساعدات انخفضت بنسبة (71) % عن عام 2013، كما أوردت دراسة أعدتها منظمات دولية عديدة منها منظمتين تابعتين للأمم المتحدة.
“ثورة بلا دماء هي ليست ثورة” وهذا ما أعان الشعب السوري وصبره على محنته لأنه يدرك منذ انطلاق أول شعار للحرية مدى إجرام النظام الذي سيجابهه وأنه سيزف مئات الآلاف من شبابه شهداء فداء للوطن والحرية والألم يولد الأمل، فالجزائر طردت المحتل لأراضيها بعد أن قدمت المليون شهيد.
المركز الصحفي السوري – محار الحسن