الرجل السبعيني صاحب الباع الطويل في مجال الآثار و البحث التاريخي يكلمنا عن إدلب و آثارها وتاريخها.
التاريخ هو ذاكرة الشعوب، والآثار هي شواهد تلك الذاكرة، و لا يمكن لشعب من الشعوب أن يعيش الحاضر و يبني للمستقبل دون الحفاظ على موروث الماضي و عبق كل ما هو عتيق، ها هو الاستاذ فايز قوصرة المؤرخ الوحيد المتبقي في الشمال السوري، يكافح بسنوات عمره الستة والسبعين للحفاظ على تلك الأوابد التاريخية المتواجدة في محافظة إدلب و التي يبلغ تعدادها حوالي ٤٠٠ موقعا على طول الجغرافيا الإدلبية.
التقينا المؤرخ فقال لنا : ” لقد كتبت عشرات المؤلفات كتبه جمعت فيها عصارة تجربته عن آثار و مواقع محافظة إدلب و عن عشرات البعثات العلمية التي زارت هذه المحافظة و لا أنسى مدينتي إدلب “.
ذهبنا مع المؤرخ إلى أمام سيباط في وسط إدلب القديمة يعود للعهد العثماني، ويمتاز بطراز زخرفته المميز .
قال لنا ” في محافظة استطيع أن أجزم و أقول أن كل كيلومترين يوجد أثر أو خان أو بناء قديم ، إنها ملتقى طرق التجارة القديمة ومهد لكل حضارات المنطقة “.
أما متحف إدلب فهو في عين العاصفة كما يقول ” قوصرة ” فهو المتحف الذي يضم خيرة مقتنيات المحافظة من الرُقم و اللوحات الفسيفسائية والتماثيل الحجرية، يحدثنا الاستاذ قوصرة عن إعادة تأهيله قبل فترة و فتحه أمام الناس، ثم إعادة إغلاقة و سحب جزء من موجوداته إلى أماكن أكثر أمناً، بعد حملة قصف عنيفة من قوات النظام السوري وحليفته الروسية.
لا شك أن المقتنيات الأثرية كانت إحدى ضحايا الحرب مثلها مثل الإنسان سألنا الاستاذ فايز عنها و أخبرنا عن دور مديرية آثار إدلب في هذا المجال.
قال قوصرة أيضا ” مديرية آثار إدلب، حاولت بالإمكانيات المتاحة حماية ما تستطيع من الأوابد والآثار في إدلب جراء ما يهددها من مخاطر كالقصف و تهريب الآثار و زحف العمران السكني إليها “.
لطالما كان مهمة العناية بالآثار والحفاظ عليها أمر غاية في الصعوبة، و خصوصا في بلاد تعاني من حرب قاسية لم تبقي حجر على حجر، ولكن رغم ذلك ظهرت بعض المبادرات الخلاقة للحفاظ على ما تبقى من إرث تاريخي في إدلب وكان المؤرخ قوصرة على رأس تلك المبادرات.
بقلم : ضياء عسود
المركز الصحفي السوري