تحفظ حنين ( 5 سنوات ) صوت قدوم عربه بائع “غزل البنات” لتردد بكلمات فرحة، عن رغبتها للنزول وشرائها منه فهي تطلق عليه “بائع الغزولة”، إذ ينشط البائع في فصل الربيع وفي فصل الصيف، أما في الشتاء فتختفي العربات المتجولة؛ ذلك لصعوبة عمل “غزل البنات” في الهواء الطلق، فهي تشترط أن يكون الجو جافا لتصنع بسهولة، فغزل البنات من الحلويات الشعبية البسيطة التي يحبها الكبار قبل الصغار.
تجذبك عربات “غزل البنات” بشكلها الجميل وألوانها الزاهية، فصاحب العربة يحرص كل الحرص على تزيينها لجذب أكبر عدد ممكن من الأطفال، كما أن بعض الباعة يغنون أغاني الأطفال للفت نظر المارة، ومنهم من يضع موسيقا لإعلام المارة عن قدوم “غزل البنات”.
وأكثر أماكن تواجد عربت “الغزل” في الحدائق وفي الأماكن العامة المزدحمة بالناس، فهي عربة صغيرة الحجم سهلة الدفع، يعمل بها غالبا أطفال من عمر 15 سنة وأقل لما لها من مردود قليل بالكاد يغطي مصروف العربة.
تقف حنين وهي مبهورة مع والدتها بطريقة عمل “غزل البنات”، متلهفة تنتظره حتى يعطيها حصتها من الـ “غزولة “، فطريقة عملها سهلة جدا تحتاج لسرعة بحركة اليد فقط، ليحكي البائع عن مكوناتها فهي عبارة عن سكر أبيض وقطرات من الصبغة زهرية اللون وخشبة طويلة ومنكهات غذائية، حيث يحضر البائع “الكرميل” ليغمسه بعيدان المراد وضع الغزل عليها، فهو يحضرها في صباح كل يوم، أما باقي مكونات يضعها في وعاء عميق على نار متوسطة وباستخدام ملعقة خشبية يستمر بالتحريك بسرعة لتخرج خيوط رفيعة يجمعها مع بعضها على عود المغمس بـ”الكرميل”، تقفز حنين فرحا هي والأطفال فهم يعتبر بائع غزل البنات “ساحرا” يخرج الحلوة من وعاء بطريقة سحرية.
قبل أن تعصف الأزمة الاقتصادية في البلاد كان ثمن “غزل البنات” العود الصغير بـ خمس ليرات سورية، أما العود الكبير بـ عشر ليرات، إلا أن غلاء مكوناتها غير حالها، فوصول سعر الكيلو الواحد للسكر لأكثر من 350 ليرة، أثر سلبيا عليها ليصبح سعر عود “غزل البنات” بـ خمسين ليرة سورية، في الأماكن الشعبية والاحياء الفقيرة لتكون أعلى من ذلك لتصل لحوالي 75 ليرة وأحيانا 125 ليرة إذا أضاف عليها البائع أكثر من لون، فالألوان المتعارف علية هو الزهري والأصفر عادة.
قليل من السكر كفيل في إدخال الفرحة إلى قلوب الأطفال، ليبقى بائع “غزل البنات” مصدر سعادة لدى الكثير، فكثير من الأسر تنتظر المعونات الموزعة من الهلال الأحمر أو غيرها من المنظمات لتأخذ السكر وتصنع منها ” غزل البنات” في الأعياد والمناسبات الخاصة بالطفل، محاولة من الأهل تعويضهم عما حرموا منه خلال سنوات الحرب.
المركز الصحفي السوري – أماني العلي