العودة مرة والبقاء صعب ماذا اختار.. لم يعد هناك طريقا أمامي أسلكه إلا الخنوع أمام الظلم والجور والقسوة (أم إسراء) تلفظ الحسرات بحروفها.
-لقد تزوجت رجلا أحببني وأحببته.
وأنجبت أربعة أولاد وكنا نترعرع بالعيشة الهنيئة في بيت سعيد مفعما بالحب والبهجة, ليصدمني خبراً أتاني من أخي.
-أحضري ملابسك وهي معي -إلى أين …لماذا …ما الذي حصل.
– لقد التغى عقد التبادل الزوجي الذي بيننا وبينهم, أنا سأرد لهم ابنتهم ونريد أن يردوا لنا ابتنا أيضاً…
– فهي أجلبي ما هو يخصك لنذهب بلا عودة ..
-لا أريد الذهاب …. أولادي وزوجي ما ذنبنا نحن.. إن كنت لست سعيدا مع زوجتك أنا سعيدة مع زوجي, ولا أستطيع العيش من دون أولادي, أتريد أن تحطم لي سعادتي ..
فغضب حينها وأخذني بالقوة, عدت إلى بيت العائلة والحزن يملأ فؤادي حاول زوجي جاهدا أن يتوسل إليهم حتى أعود له ولكن عبثا يحاول, بعد مرور الشهور لم يعد عنده أمل من المحاولات مع أهلي, فذهب ليتزوج ويتابع حياته ويحضر امرأة أخرى لتحضن أولادي فلذة كبدي والحزن يفتك في قلبي والسبب أخي. بقيت بين البؤس وفقدان الأمل وصرت خادمة في بيت أهلي بلا قيمة, كان بيتا فيه أمي وأبي وإخوتي وزوجاتهم وأولادهم, لم أحظى هناك بالعيشة الهنيئة التي فقدتها بعد إجباري على ترك بيتي وزوجي وبعد حرماني من أولادي …
بل أصبحت فقط لخدمتهم وكنت أتلقى منهم أسوأ المعاملة, فقد كانت أمي كبيرة بالسن وليس بيدها حيلة لشيء, واستمرت الآلام ومرارة العيش بي حتى أن أتاني يوما ما ابن أخي قائلا لي: أتعلمين من عندنا
أجبته بإحباط
-إنهم ضيوف ومن سيكون
-إنه الأستاذ سالم (اسم مستعار) المدرس في مدرسة الضيعة.
-كل الناس خير وبركة.
-إنه يريد خطبتك.
-فرحت والغصة في قلبي…
هل سينتزعني من حياة الشقاء هذه ..
وتزوجت الأستاذ ولقيت منه ما لقيت من قهر وظلم وجوع.
وكنت الزوجة الثانية له وكان مهملا للمسؤولية, لقد كانت أسوأ الصفات به هجرني و لدي طفلتين منه, وبقيت بغرفة صغيرة في بيت أهله فقد أصبح أبوه يجلب لنا الطعام ويتولى مصروفنا… ويأتيني بعد هذا أولاد أخيه ليقتحموا غرفتي بدون احترام حرمة البيت وبكل همجية وعنف يمسكون بي ويصرخون.
-لماذا أنتِ هنا ..
عمنا لا يريدك لما لا تذهبي عننا أنتِ وبناتك.
-ويجروني جر البعير إلى خارج البيت.
بكيت توسلت لكن بلا جدوى …ذهبت أنا وبناتي إلى المخيمات لعلنا نحظى بخيمة تقينا برد شتاء أو حر صيفا هناك, ترأفت المنظمة بحالنا وأعطتنا خيمة صغيرة كانت لنا وكأنها كنز وكأنها جائزة كبرى لقد أتموا نصبها لنا وتثبيتها, وأعطونا بعض المساعدات, فقد باتوا بناتي يعيشون حال الأيتام وأبوهم حي يرزق, ننتظر الجيران ليسكبوا لنا صحن طعام يقيت جوعنا, وننتظر كرتونة إغاثية ليحصل العيد عندنا بحضورها, وهو يتزوج الزوجة الثالثة وكانت زوجة صارمة استطاعت أن تجعله تحت أوامرها وتابع هجرانه لنا بدون أن أعرف نفسي هل أنا متزوجة أم مطلقة أم أرملة, ولكن الواقع لست ولا واحدة من هذا بل أنا مجرد مهجورة والسبب أخي …
أم أنس/ المركز الصحفي السوري