وصل المئات من عناصر مليشيا “لواء فاطميون” الأفغاني المدعوم من “الحرس الثوري الإيراني” إلى سوريا خلال شهر نيسان الحالي، وتركز انتشار تعزيزات “فاطميون” القادمة من إيران براً مروراً بالعراق في مناطق مختلفة شمال وشرقي سوريا، وبدت عمليات الانتشار أكثر تركزاً في البادية السورية وأرياف حلب وإدلب ودير الزور.
الجديد في قوافل “فاطميون” القادمة إلى سوريا هو أنها حملت معها عائلات عدد كبير من عناصر المليشيا، وبدا أن الانتشار الواسع للفيروس كورونا المستجد في إيران قد سرع في وصول قوافل “فاطميون”، غير أن الهدف من التعزيزات يبدو أكثر تعقيداً، وعلى المدى البعيد نسبياً، كالعمل على توطين عناصر المليشيا الأفغانية في المناطق التي سيطرت عليها قوات النظام والمليشيات الإيرانية في الفترة الممتدة بين أيار/مايو 2019و شباط/فبراير 2020 شمال غربي سوريا، بالإضافة إلى مناطق البادية السورية وجنوبي الفرات الأوسط في المنطقة الممتدة من تدمر شرقي حمص وحتى البو كمال في ريف دير الزور على الحدود العراقية-السورية، وتحاول المليشيات الإيرانية أن تحقق فيها انتشاراً أوسع باعتبارها فضاء صحراوياً مفتوحاً مع العراق ومنطقة نفوذ استراتيجية تؤمن لها الممرات البرية على المدى البعيد.
ونقلت مواقع إعلامية مقربة من “فاطميون” مؤخراً، تصريحات منسوبة لإمام الجامع الأموي السابق، مأمون محمد أديب رحمة، خلال زيارته لأحد مواقع المليشيا في سوريا، قالت إن “عالماً سورياً بارزاً أكد لقادة فاطميون أن السوريين ممتنون إلى الأبد للفاطميين الشجعان” وأضافت أن رحمة، أشار إلى “تضحيات مقاتلي فاطميون الفدائيين ضد الإرهابيين التكفيريين، وأكد أن الشعب السوري سوف يقدر هذه التضحيات”.
فاطميون وكورونا
اضطرت مليشيا “فاطميون” خلال الأيام القليلة الماضية إلى تطبيق إجراءات الوقاية من الوباء كورونا المستجد في مقارها ومناطق انتشارها شمال وشرقي سوريا بعد أن كانت من أكثر المليشيات الإيرانية تجاهلاً للإجراءات الوقائية المفترضة، وهو ما تسبب لاحقاً بإصابة أعداد كبيرة من عناصرها بالفيروس.
وأعلنت مواقع إعلامية مقربة من “فاطميون” مؤخراً عن إغلاق المزارات والمقامات الشيعية التي يقصدها عناصرها وعائلاتهم في سوريا وأكدت أن مدة الإغلاق اضطرارية ولن تطول كثيراً، وسبق أن أقامت “فاطميون” احتفالات بمناسبات دينية تقام عادة في شهر شعبان، وكانت مواقعها وثكناتها في حلب الأكثر احتفالاً خلال شهري آذار/مارس ونيسان/أبريل، وتنوعت الاحتفالات، بين مجالس عزاء و “لطم”، ومسابقات رياضية، ومسابقات قراءة، ومجالس إحياء ذكرى عدد من عناصرها الذين قتلوا في سوريا خلال السنوات الماضية أثناء قتال المليشيا إلى جانب قوات النظام.
في حلب
لمليشيا “فاطميون” ثلاثة مواقع انتشار رئيسية في ريف حلب، المنطقة الأولى في محيط جبل عزان في ريف حلب الجنوبي، ولديها هناك عدد من المواقع في محيط القاعدة العسكرية الإيرانية مخصصة لحماية القاعدة، ومنطقة الانتشار الثانية تقع في الكليات العسكرية، الفنية الجوية والتسليح والمدفعية غربي حلب، ومنطقة الانتشار الثالثة شمالي المنطقة الصناعية في الشيخ نجار، ومنطقة المزارع التي تفصل السجن المركزي عن مدرسة المشاة شمالاً، وتوسعت “فاطميون” منذ أيار/مايو 2019 في ريف حماة الشمالي بعد تقدم قوات النظام في المنطقة على حساب فصائل المعارضة السورية، وكان لها مشاركة كبيرة في العميات العسكرية حتى شباط/فبراير من العام 2020، وبات لديها أكثر من موقع على جانبي الطريق الدولي السريع حلب-دمشق (إم4).
المنسق الإعلامي في “الجيش الوطني”، يحيى مايو، قال لموقع “تلفزيون سوريا”، إن مليشيا “فاطميون كانت واحدة من المليشيات الإيرانية الأبرز التي قاتلت بشكل غير معلن إلى جانب قوات النظام والمليشيات الروسية خلال العمليات العسكرية التي انطلقت منذ بداية أيار/مايو 2019، في محيط إدلب، وأصبح لديها انتشار واسع في المناطق التي تقدم فيها النظام والتي ما تزال حتى الآن مناطق عسكرية يمنع على المدنيين من سكانها الدخول”.
وأضاف مايو، بأن “فاطميون جزء من غرفة عمليات تقودها قوات الرضوان التابعة لحزب الله اللبناني في جبهات شرق وجنوبي إدلب، وخسرت المليشيات العشرات من عناصرها خلال معارك سراقب وفي الضربات الجوية التي نفذتها الطائرات التركية المسيرة خلال شباط/فبراير الماضي”
شرقي سوريا
ولفاطميون انتشار واسع في بادية تدمر في ريف حمص الشرقي إلى جانب عدد آخر من المليشيات الإيرانية، وتمددت المليشيا خلال الأسبوعين الماضيين في البادية في أكثر من موقع على جانبي طريق دير الزور-حمص مروراً بالسخنة بعد أن تعرضت مواقع المليشيات الإيرانية لهجمات مفاجئة من عناصر “تنظيم الدولة”، كما أن عمليات إعادة انتشار “فاطميون” في البادية تندرج في إطار العمليات التي أجرتها عموم المليشيات المدعومة من إيران شرقي سوريا بهدف التمويه والعمل على تفادي الضربات الجوية الإسرائيلية والأميركية التي تكررت أكثر من مرة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وفي البوكمال في ريف دير الزور القريبة من الحدود العراقية لمليشيا “فاطميون” انتشار لا يقل أهمية عن انتشارها في باقي مناطق البادية السورية، ولعموم المليشيات هناك نفوذ واسع باعتبارها بوابة الدخول إلى سوريا، وسجل في المنطقة أعلى نسبة إصابة بفيروس كورونا المستجد في صفوف “فاطميون”، خلال شهر نيسان/أبريل، وتم الحجر على أعداد كبيرة من عناصرها في مراكز أنشأت خصيصاً لمنع انتشار الوباء بين المليشيات الإيرانية، وتم نقل عدد من حالات الإصابة إلى العراق وإيران بسبب خطورتها.
كمامات إلى أفغانستان
ومن بين الإجراءات التي اتخذتها “فاطميون” لمواجهة كورونا، إنشاؤها مشغل خياطة لإنتاج الكمامات الطبية، وقالت المليشيا إن “المقاتلين الفاطميين موجودون أيضاً على جبهة الدفاع الصحي، ولذلك تم افتتاح ورشة لإنتاج القفازات والأقنعة الصحية أقامها المقاتلون الفاطميون في سوريا بشكل مؤقت، وسيتم إرسال جزء من هذا الإنتاج إلى أفغانستان، والجزء الأكبر سيتم توزيعه على المقاتلين”، وفي الغالب إن المشغل الذي تحدثت عنه “فاطميون” قد أقيم في ثكناتها بريف حلب.
الناشط الإعلامي عبد الفتاح الحسين، قال لموقع “تلفزيون سوريا، إنَّ المليشيات الإيرانية تخشى من انتشار أوسع للوباء كورونا في صفوف تشكلاتها المنتشرة في سوريا، وأوضح بأن “العدد الأكبر من الإصابات بالفيروس موجود في صفوف فاطميون وهي من المليشيات الأفقر بين المليشيات الإيرانية، والسبب في انتشار الوباء في صفوفها يرجع إلى عدم التزامها بالإجراءات التي تم تعميمها على المليشيات بداية أزمة الوباء، وشكلت فاطميون، وبالأخص كتائب الإمام علي، وكتائب الحسين، خطراً على باقي التشكيلات في المليشيات الإيرانية، والأوساط الشعبية السورية في مناطق انتشارها الرئيسية في سوريا”.
نقلا عن: تلفزيون سوريا