الفبركة، والكذب أبرز ميزات إعلام النظام السوري على مدى أربع سنوات حيث لم يترك وسيلةً بالتأثير على السوريين إلا واستخدمها، فاتخذ من إعلامه منبراً لتسويق أفعاله الشنيعة، من قتل، وتعذيب، وتهجير، وتفنيد انتصارات الثوار، وتحويلها لأعمال إرهابية، مضلّلين بذلك مؤيديهم عن الحقيقة، كالذي يغطي الشمس بالغربال.
التلفزيون، الراديو، الصحف، المواقع الإلكترونية؛ هي الوسائل، التي يروج النظام من خلالها أكاذيبه، ومشاريعه، فمع بدايات الأحداث في سوريا أنشئ ما يسمى “الجيش السوري الإلكتروني” مهمته تهكير حسابات الناشطين، واختراقها، وتحسين صورة جيش النظام، وتحويل أفعاله الإجرامية لبطولات يخلدها التاريخ حسب زعمهم. الوسائل الإعلامية هذه عزفت على نفس الوتر منذ البداية، وأظهرت بأن كل ما يحدث في سورية هو عبارة عن “مؤامرة” تُحيكها بعض الدول العربية والغربية، وأطلقوا صفة الإرهاب على الذين خرجوا إلى الساحات من المتظاهرين السلميين المنادين بالحرية، واتهموهم بالعمالة، و يتعاطون حبوب هلوسة، ويتقاضون مبالغ مالية على كل مظاهرة .
ولمّا كشف نشطاء الثورة زيف كذبهم، ببث الفيديوهات المصورة لحشود المتظاهرين في الساحات، وحناجرهم تصدح بشعارات الحرية؛ فندوا الحراك السلمي بحكايات وقصص غير واقعية، لا تمت للواقع بصلة، كالقصة المعروفة يوم خرج المتظاهرين بحي الميدان في العاصمة (دمشق) منادين بالحرية لسورية من الظلم، واستبداد آل الأسد؛ فقام إعلام النظام بعرض المظاهرة ذاتها بدون صوت على شاشات التلفزة المؤيدة له وقال إن السوريين خرجوا يحمدون الله على نعمة المطر وليس هناك أية مظاهرة وكل ما نشر عبارة عن كذب وأقاويل .
أما عن نوعية البرامج، فأغلبها كانت موجهة، وتبعث من خلالها رسائل للسوريين أن ما يحصل مؤامرة كونية، والتهم، التي تنشر عن مجازر جيش النظام، والتصدي للمظاهرات السلمية بالرصاص؛ ما هي إلا خزعبلات، وفيديوهات مفبركة باستوديوهات القنوات المغرضة، ومن أبرز تلك البرامج “التضليل الإعلامي” الذي تبثه قناة الدنيا الفضائية المملوكة لرامي مخلوف ابن خال بشار الأسد، والجدير بالذكر؛ أن هذه القناة وضعتها الإدارية الأمريكية في السابع عشر من أيار/مايو عام 2013م على لائحة الإرهاب .
اتبع إعلام النظام مقولة ” اكذبَ.. اكذبَ حتى صدق نفسه” ولكن وقع في شرِّ أعماله، وانفضح على الملاً بعد فبركات التفجيرات، التي حصلت بمناطق عدة، واتهام المعارضة بتفجير الأسواق، والمرافق العامة، واغتيال الشخصيات، كما حصل بتفجيرات دمشق في القزّاز، و الميدان، و القصّاع، والمرجة حيث أظهرت الفيديوهات، التي نشرها أكياس الدم المعدَّة مسبقاً، وجثثاً مكبلة، وضِعت بمكان التفجيرات المفتعلة، حيث جلب النظام هذه الجثث من مناطق ثائرة ارتكب جيشه فيها مجزرة بعد اقتحامها، لاسيما وصول، وسائل الإعلام بعد الحدث بدقائق قليلة؛ حتى علَّق نشطاء الثورة باستهزاء “التلفزيون السوري مع الحدث وقبل الحدث بساعة”. والأمثلة كثيرة وتطول، لكن الملفت للانتباه؛ أن إعلام النظام ماضي بالكذب بنفس الوتيرة، ولم يتراجع؛ بل يزداد كل يوم، وحسب خبراء بالإعلام هذا الحال لا يتماشى مع قدرات، وخبرات الكوادر العاملة في هذه المؤسسة، وبقي الأمر غامضاَ حتى انشق عدد من الموظفين، ممن كانوا يعملون بالهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون؛ حيث أفادوا بان معدين البرامج، والتقارير، والمقدمين يتلقون دروساً، ويحضرون ورش عمل، تُدرسها شركات أجنبية خاصة، خبيرة بالإعلام، والحرب الإعلامية، وأنفق النظام على ذلك آلاف الدولارات.
واعتمد بالإضافة لذلك على أساتذة بعلم النفس، والاجتماع؛ لتكون برامجه وتقاريره تحاكي المنطق، والعقل، بالاستناد على الحجة، والبراهين، وتوجيهها لمؤيديه على مدى أربع سنوات.
طوال هذه المدة إعلام النظام “حاول” لكنًّه “لم ينجح” في تمحيص ثورة الشعب، وكان إعلام الثورة له بالمرصاد كاشفاً أكاذيبه، وفبركاته، التي تَعدتِ الخيال، والكذب البواح.
صحيفة الأيام – هاشم العبد الله