صراخ وصيحات مشوشة لا أكاد أرى شيء من شدة الغبار، ألم و طنين في أذني أين أنا ؟! ما لذي حدث ؟؟ ثم يرتطم بي شاب يركض مسرعاً باتجاه معاكس فانتبه، وأدرك ما الأمر.
أرجل متخبطة تكر وتفر في فزع أحدهم يصرخ “عند دوار الكورنيش عند الدوار”، يالله لقد كنت هناك قبل دقائق، بخطوات مثقلة و قلب خافق أجر أقدامي نحو موقع الانفجار مع ترديد ” اللهمّ سلّم اللهمّ سلّم “، لم أبصر الطريق بقدر ما أبصرت هول، و بشاعة المشهد قبل وصولي ورؤيته.
جثث هنا وأشلاء متناثرة هناك وقد اختلطت رائحة البارود بالدماء .. حجارة مبعثرة و جرحى يفترشون الشارع وسيارات مشتعلة يتصاعد منها عامود من الدخان ليخبر أهل المدينة عن موقع الإنفجار.
في يوم دامي وكئيب عاشته مدينة الباب الجريحة، التي لبست ثوب السواد، وارتدت ملبس الحداد، على أبنائها الذين رفرفت أرواحهم صاعدة مظلومة إلى بارئها.
غادر فيه من غادر من هذه الدنيا الفانية إلى عالم البرزخ و أصيب فيه جميع سكان المدينة في قلوبهم بألم و حزن على من قُتل و على من جُرح في تفجير غادر و سافل، و لا يفعله إلا الأبالسة و الشياطين، خلف هذا التفجير ما يقارب 30 شهيدا و 100 جريحا، تاركين خلفهم أطفالا أيتام وأرامل منكوبات وأمهات ثكالى، تفجير جعل المآذن في الباب لا تكاد تنتهي من اسم شهيد حتى تنادي على اسم الآخر.
ولينتهي اليوم بأصوات المآذن و هي تنادي على أن يوم غد هو يوم إضراب على أرواح الشهداء، و لكن السؤال الذي يطرح نفسه دائماً بعد كل تفجير ؟؟ من المسؤول ؟؟
المسؤولون الأمنييون في حالة ثبات تام،
إهمال يودي بحياة الأبرياء دون أدنى إحساس بالمسؤولية أو تأنيب الضمير بضعة أيام و ينسى التفجير كما نسيت عشرات التفجيرات قبله و يستمر المسؤولون في إهمالهم و تبقى الأوضاع كما كانت عليه من قبل أو تزداد سوء، وحدهم فقط أمهات الشهداء وزوجاتهم وأبناؤهم، والجرحى الذين باتوا معوّقين وحدهم من تتغير حياتهم إلى الأبد وكلما حدث تفجير جديد تتجدد جراحهم وينضم إلى قافلتهم معذبون جدد.
سدرة فردوسي
المركز الصحفي السوري