على أهمية الموقف السياسي الرسمي الجامع المتمثل في احتضان الجيش ودعمه المطلق وتأمين الغطاء السياسي الكامل لكل خطواته، فإن الجلسة الطارئة لمجلس الوزراء أمس لم تخرج بأكثر من قرار سياسي في ظل الانقسامات الداخلية التي تتحكم بمواقف القوى السياسية على رغم حجم المخاطر المحدقة بالبلاد نتيجة ما يحصل في بلدة عرسال.
وبدا واضحا ان هذه الانقسامات أخذت حيزا من نقاشات مجلس الوزراء، حيث أشار رئيس الحكومة تمام سلام في بيانه عقب الجلسة ان النقاش في خلفيات وأسباب ما حصل ستترك ليوم آخر في اعتبار ان الوقت الان هو لوقف العدوان الإرهابي على الاراضي اللبنانية.
تبدو الخيارات المتاحة امام الحكومة وإمام الجيش قليلة وصعبة ومكلفة، وان كان لا بد من اللجوء اليها من اجل اقتلاع بؤر الإرهاب والتكفير المتغلغلة في البلدة البقاعية.
فالخيار السياسي لم يعد مطروحا، كما ان القرار بعدم الدخول في المواجهة، كما تطالب بعض القوى السياسية لم يعد متاحا بما ان المعركة بدأت ولم يعد ثمة مجال لوقفها سياسيا في ظل تعذر التفاوض مع المسلحين. وتجلى ذلك في سقوط كل المبادرات السياسية الرامية الى وقف النار وإطلاق العسكريين المحتجزين.
والاهم ان السلطة السياسية حسمت أمرها لجهة رفض الحل السياسي مع التكفيريين، على ما أعلن رئيس الحكومة باسم حكومته عقب جلستها الاخيرة.
وهذا يترك الباب مفتوحا امام الخيار العسكري، وهو خيار صعب بحسب ما وصفته مصادر سياسية لأن من شأنه ان يستنزف البلاد والجيش. وهذا ما يدفع قيادته الى المطالبة بتعزيز قدراته و تجهيزه من خلال التمويل السعودي المعقود له.
وفي رأي المصادر ان خيار الحسم العسكري سيكون مكلفا جداً ليس فقط على الجيش الذي يتكبد خسائر في أرواح عناصره، وإنما أيضاً على أهالي عرسال الذين فتحوا بلدتهم امام دخول المسلحين وتغلغلهم فيها.
ولم تستبعد المصادر ان تكون معركة عرسال المعركة التي سترسم خريطة المعادلة السياسية الداخلية.
وتوقعت ان تتكثف حركة الاتصالات السياسية محلياً وخارجياً من اجل احتواء مفاعيل المعركة القائمة ومنع تمددها نحو مناطق لبنانية اخرى تلافيا لفتح جبهات جديدة تشتت تركيز المؤسسة العسكرية عدل الجبهة الرئيسية.
وفي حين تغيب المبادرات السياسية الناجعة والقابلة لمعالجة الوضع القائم، يتركز البحث في سبل تأمين الدعم الكامل للجيش والحفاظ على وحدة الموقف في اعتبار انه المؤسسة الوحيدة التي يلتقي اللبنانيون على دعمها والوقوف وراءها، خصوصا ان معركة عرسال لا تزال في بداياتها، وفي بداية حرب الاستنزاف التي تنطوي عليها.
سابين عويس
جريدة النهار اللبنانية