نتيجة لظروف الحرب ولحالة الفوضى وانعدام الرقابة في الشمال السوري أدى ذلك إلى انتشار ظاهرات اجتماعية خطيرة دخيلة على المجتمع السوري.
ومن هذه العادات التي أصبحت رائجة في مناطق الشمال السوري المخدرات على اختلاف أنواعها كالأفيون والكبتاغون والحشيش وغيرها أنواع عديدة تهدد مستقبل مجتمع وتأخذ بسكانه إلى الهاوية.
ويُعتبر جيل الشباب هم الهدف الرئيسي لتجار المخدرات، حيث يعمل هؤلاء التجار على استغلال ظروف الحرب بالترويج لبضاعتهم التي من شأنها أن تدمّر لجيل كامل لتحقيق أرباح كبيرة.
يقول الشاب العشريني أسعد (اسم مستعار) ” علاماتي ما دخلتني جامعة ووضع أهلي المادي السيء كلا كانت أسباب لاتعاطى”
موضحاً بأن رفاقه كانوا أحد الأسباب التي أدت إلى تعاطيه المخدرات، حيث كانت البداية في السهرات والنزهات ثم مع مرور الوقت بدأ في تعاطيها بشكل شبه دائم، خاصة أن المروجين قد جعلوا أسعار المخدرات منخفضة لتحقيق مرابح باهظة.
معتبراً أن في تناوله لحبوب المخدرات قد تنسيه ما يعاني من متاعب وهموم ولكن الأمور ساءت إلى حد خطير، ألحقت الضرر به وأثر على حياته الاجتماعية والنفسية والجسدية.
ويعتبر انتشار المخدرات في مناطق الشمال ظاهرة خطيرة تؤرق المجتمع وتعرقل نموه، في حين أن تعاطي تلك المواد أصبح علنياً دون قيود أو رادع في ظل ازدياد أعداد المروجين لهذه المواد السامة للقضاء على الشباب وتدميرهم.
فيقول أسعد مفصلاً أسباب انتشار رواج المخدرات “قلة التوعية والتوجيه لمخاطر المخدرات كمان ساعد على انتشار هيي الحبوب وتعاطيها” مؤكداً أن الحالة المادية المتدنية وعدم توافر فرص العمل وانعدام التوعية والإرشاد بأضرار هذه المواد أدت إلى انتعاش هذه التجارة القاتلة بين الشباب بشكل خاص، كونهم الأكثر عرضة للضغوطات النفسية في ظل غياب الإجراءات الأمنية المشددة.
البيئة المناسبة والخصبة في الشمال السوري وتسهيل دخول المخدرات من مناطق النظام، إضافة إلى ظروف الحرب كلها جعلت هذه الآفة الخطيرة تغزو مناطق الشمال كالوباء القاتل، مما جعل الإحباط وفقدان الأمل سمة المتعاطين.
أثرت في مستقبلهم وأوقعتهم في براثن هذه السم، ويتابع أسعد كلامه موضحاً كمية الألم الذي سيطر على روحه وجسمه “صرت أشعر باضطرابات قلبية وبآلام عصبية حتى صارت حالة وفاة أمامي”
كما يؤدي تناول جرعات كبيرة لهذه المواد إلى الإصابة بالتهاب الكبد الوبائي وحالات وفاة عديدة، موضحاً أن هذه الحبوب كانت تفقده الشعور بالواقع وتمنحه الإحساس بالراحة، ولكن ما تلبث أن تزول بزوال أثرها لتزيد من همومه وتكسبه أمراضاً قد تودي بحياته.
انتشار هذه الآفة تقتل روح الشباب وتفسد أخلاقه وتتسبب في انتشار جرائم القتل والنهب، ومما ساعد على ذلك الأشخاص الذين يمتهنون مهنة الصيدلة ويقومون ببيع الأدوية المخدرة والمهدئة التي لا تُصرف إلا بموجب وصفات طبية.
بكلمات متقطعة وابتسامة باردة يقول أسعد ” كنت اشتري هي الحبوب من صيدلية بس إلي متأكد منو هلق كان هدفها الربح وبس” معتبراً أن حالة اليأس والإحباط التي كان يمر بها وقتها قد جعلته غير مدركاً للوضع الذي سيصل إليه في المستقبل بعد أن يسيطر عليه الإدمان .
إعادة الأمل في روح أسعد ومحاولة العودة إلى الحياة الطبيعية بمساندة أهله إلى جانب إرادته القوية بالتغلب على ظروف الواقع ومصاعبه المتعبة، وما شاهده من حالات قهر ومعاناة مرضية بين رفاقه ومعارفه وحالات وفاة، أنهت حياة أناس بسبب تعاطي المخدرات، كلها كانت دوافع مشجعة للعلاج والتخلص من هذا الإدمان القهري، وايجاد فرصة عمل تناسبه للوصول إلى مرحلة القناعة والرضى ومحاولة تطوير مهاراته وقدراته.
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع