يزداد الوضع المعيشي سوءا داخل” مضايا وبقين” اللتين يطبق النظام حصاره عليهما منذ خمسة أشهر، والتي نزح إليهما أهالي الزبداني، وكان من المفترض إدخال المساعدات الغذائية والطبية إليهما وإخراج بعض العائلات في هدنة اتفق عليها بين بعض الفصائل العسكرية المعارضة في ادلب وإيران بإشراف أممي مقابل إيقاف القصف وإدخال المساعدات الإنسانية عن بلدتي كفريا والفوعة المواليتين للنظام، إلا أن النظام خرق تلك الهدنة بارتكابه لعدة مجازر في إدلب وريفها، و كان قد عمد إلى زرع اﻷلغام اﻷرضية في سهل الزبداني ومحيط مداخل تلك البلدات.
و خرج أهالي بلدة مضايا أمس في تظاهرات انطلقت إلى حاجز قوس مضايا استنكارا للوضع الإنساني الكارثي الذي وصلت إليه المدينة حيث ارتفع عدد الوفيات بسبب الجوع والحصار، و ناشد المتظاهرون المنظمات اﻹغاثية والصليب اﻷحمر بفك الحصار عنهم وإدخال المساعدات الغذائية والطبية، وحملوا شعارات ” لا تعاقبوا المدنيين” و ” اقتلونا بالبراميل والمدافع، لا تقتلونا جوعا وقهرا”.
وبحسب ناشطين على صفحة أخبار “الزبداني في مضايا” فقد وصل عدد الوفيات إلى 32 شخص معظمهم من الشيوخ والأطفال وعشرات من حالات الإغماء يوميا بسبب الجوع، كما تعرض العديد من المواطنين لحالات بتر ﻷطرافهم وموت بسبب مجازفتهم في رحلة البحث عن طعام والمرور خلال الحقول المزروعة باﻷلغام المتفجرة المحيطة بالبلدة يذكر منهم، علي شبلي، وبهاء عساف اللذين توفيا بتاريخ 15 من نوفمبر الماضي برصاص القناصين المتواجدين على الحواجز” عبد المجيد والنقطة الثالثة و البراق وجوليا……” المحيطة بالبلدات.
كما تعرض العديد من المواطنين الذين يحاولون الحصول على الطعام والحطب للتدفئة والطهي لانفجار تلك اﻷلغام، أجبر أغلبهم على خوض تلك المغامرة في سبيل الحصول على اﻷكل والدفء.
وتشهد أشجار اﻷحراج المحيطة بالبلدتين لقطع جائر لاستخدامها كبدائل للتدفئة والطهي في ظل انعدام مادتي الغاز والمازوت مما ينذر بكارثة أخرى، بتدمير الغطاء النباتي المعروف بغناه باﻷشجار والنباتات، إذ كانت البلدات ” الزبداني ومضايا وبقين” مناطق سياحية عالمية نظرا لطبيعتها الجبلية الجميلة.
يقول عماد ناشط لاجئ خارج سوريا من مضايا: ” يموت أهلنا وأقاربنا داخل مضايا المحاصرة جوعا وبردا أمام العالم دون أن تتمكن أي جهة من مساعدتهم وهذا ما يزيد من احتمال وقوع كارثة إنسانية بحق أهلنا فيها”.
تحولت مضايا وبقين إلى سجن كبير يحوي 40 ألف مواطن يقتاتون على أوراق اﻷشجار والحشائش المسلوقة، فجميع المحلات التجارية واﻷفران واﻷسواق أغلقت أبوابها بسبب نفاد المواد الغذائية، إلا القليل منها كا اﻷرز والبرغل والمعكرونة إن توفرت فبأسعار خيالية.
و نشر ناشطون صورا لقائمة بأسعار المواد الغذائية المتبقية داخل المدينة، اﻷمر الذي يزيد من معاناة اﻷهالي بعد جنون اﻷسعار هناك، فقد بلغ سعر اﻷرز والطحين 35 ألف ليرة سورية، والمعكرونة والحمص إلى 30 ألف، أما حليب اﻷطفال فمفقود تماما”.
يقوم أهالي بعض المحاصرين المتواجدين في الدول اﻷوربية بإرسال مبالغ مالية كبيرة عبر المهربين” تجار اﻷزمات” المتعاملين مع بعض عناصر من النظام فلا يصل منها سوى القليل الذي لا يكفيهم قوت يوم.
” أرسلت ﻷهلي و أقاربي ما يقارب 1500 دولار بعد صعوبة جمعه من عدة أشخاص وبجهود فردية فلم يصلهم سوى 300 دولار من ذلك المبلغ”. هذا ما قاله عمار من مدينة بقين الذي يعيش في أوروبا.
قصص معاناة و ألم من الجوع والبرد يرويها أهالي بلدتي” مضايا وبقين” لناشطين نشروها على مواقع التواصل الاجتماعي تحت شعارات مختلفة تصور الواقع الصحي المتدهور للمواطنين، في ظل انعدام المواد الغذائية من جهة الكوادر والمواد الطبية من جهة أخرى، حيث لم يتبق سوى نقطة طبية واحدة بعد توقف المشافي عن العمل بسبب القصف والتدمير، ويقتصر عمل تلك النقطة على تقديم الإسعافات اﻷولية وعلاج الحالات المرضية البسيطة، و حدثت حالات وفيات متعددة في تلك النقطة الطبية بسبب نقص المستلزمات الطبية كان من الممكن علاجها.
جحيم الحصار والموت جوعا يلاحق اﻷهالي يموتون بصمت ، ببطون خاوية بينما تعمر موائد العالم في أعياد الميلاد بأصناف الطعام المتنوع اﻷشكال وينعم أطفال العالم بالدفء والألعاب المتطورة، فلا يمر خبر مأساتهم ومعاناتهم على وسائل اﻹعلام إلا بشكل عابر وكأن القانون اﻹنساني لم يصنفهم من ضمن البشر ﻷنهم طالبوا بالحرية، فلا الهدن ولا المعاهدات قدمت لهم أي مساعدة ليبقوا على قيد الحياة، ليبقى صمت العالم توقيعا مؤكدا على قتلهم جوعا.
المركز الصحفي السوري– سلوى عبد الرحمن