قبل أيام خرجت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية هيذر نويرت لتقول: “نأمل أن تتمكن السعودية من تأكيد الاتهامات التي وجههتها إلى قطر، وأن تقدم أدلة في هذا الخصوص”، وهو ما أثار تساؤلات في واشنطن عما يجري في أروقة الإدارة الأمريكية.
الخارجية الأمريكية أصدرت هذا التصريح المخالف لسياسات الرئيس ترامب، الذي يقف في صف السعودية. وهذا ما سُئلت عنه نويرت، فأجابت: “الرئيس ترامب ووزارتنا يعملان من أجل حل المشكلة بأسرع وقت، ليس هناك أي تناقض”.
هذه الحادثة هي نتيجة لجدل حاد مستمر في أروقة واشنطن منذ مدة حول جماعة الإخوان المسلمين. ينبغي علينا متابعة هذا الجدل وأطرافه بشكل جيد لأنه يهم تركيا عن كثب.
إدارج جماعة الإخوان المسلمين على قائمة المنظمات الإرهابية موضوع نقاشات، منذ مدة، تشتد حدتها من حين لآخر داخل أروقة الإدارة الأمريكية.
يعارض وزير الخارجية ريكس تيلرسون الإدراج، ويعتقد أنه ليس هناك أدلة ملموسة ضد الجماعة. ويقف في مواجهة تيلرسون كل من مستشار ترامب للأمن القومي هربرت ريموند ماكماستر ورئيس وكالة الاستخبارات مايك بومبيو. يتعاون الأخيران في هذا الخصوص ويعملان على التأثير على ترامب لكي يعلن الإخوان المسلمين منظمة إرهابية.
عندما عُرض القرار بخصوص الجماعة على الإدارة الأمريكية قررت تأجيل البت فيه، وهو ما جعل الصراع بين الطرفين المذكورين يشتد ويستعر.
يدعم سفيرا السعودية والإمارات، اللذان يتمتعان بنفوذ كبير لدى الأوساط الدبلوماسية في واشنطن، ماكماستر وبومبيو، بينما يحظى تيلرسون من حين لآخر بدعم وزير الدفاع جيمس ماتيس في هذا الخصوص.
ونتيجة لهذا الصراع اضطر تيلرسون للإدلاء بتصريح في اجتماع لجنة بالكونغرس، أثار ردود أفعال غاضبة لدى تركيا أيضًا. فقد سألت اللجنة عن سبب تأجيل قرار الحكومة بشأن الإخوان المسلمين، وبعد إجابة تيلرسون بأن “الإخوان المسلمين أصبحوا الآن جزء من الحكومات في بعض البلدان”، أورد نموذجي البحرين وتركيا.
اعتُبر هذا الخبر بمثابة اتهام وأدى لردود أفعال غاضبة في تركيا. لكن تيلرسون عندما أورد نموذج تركيا كان يريد التأكيد على أن جماعة الإخوان المسلمين ليست منظمة إرهابية كما يُقال، وأن تأجيل الإدارة الأمريكية اتخاذ قرار بحقها كان صائبًا.
ولهذا فإن مطالبة الإدارة الأمريكية في الوقت الحالي السعودية بتقديم أدلة وبأن تكون معقولة، أمر يهم إلى درجة كبيرة تركيا.
ولأن من يقف في مواجهة الخارجية الأمريكية طاقم من الأمن القومي فإن من الممكن أن تكون هناك آلاعيب قذرة من حين لآخر. قبل عدة أشهر سرب الطاقم إلى صحيفة واشنطن تايمز المقربة منه خبرًا تحت عنوان “الولايات المتحدة لن تدرج الإخوان المسليمن على قائمة المنظمات الإرهابية”. تبين أن تسريب الخبر تم من أجل إثارة ردود أفعال في واشنطن وممارسة ضغط على ترامب.
ولأن النقاشات حول القضية اشتعلت مجددًا مع اندلاع أزمة قطر فسوف نرى ألاعيب أقذر من تلك التي ذكرتها آنفا، وسيحاول البعض جر تركيا داخل هذه الألاعيب.
ترك برس