حكي أحد سكان تدمر حال المدينة والمعاناة التي لقيها أهلها بأيدي قوات نظام الأسد وما تعرضت له بعد استيلاء تنظيم الدولة عليها، وخلص إلى أن “النظام والتنظيم في الإثم سواء”.
وقال محمد الخطيب، وهو مواطن ولد ونشأ بمدينة تدمر، إنه في بداية الثورة أنشأ مع صديق له ما أطلق عليه “تنسيقية تدمر” وهي جماعة تنسق وتقود مظاهرات سلمية للمطالبة بالحرية.
وأضاف الخطيب -الذي كان يدرس في جامعة حمص وعاد إلى مسقط رأسه عندما بدأت الاضطرابات- أن الوضع سرعان ما خرج عن السيطرة وعجزت قوات الأمن الحكومية داخل المدينة عن ضبط تصاعد الثورة أو التصدي لفيضان المتظاهرين، فقتل عشرات المتظاهرين في هذه الأحداث.
ويحكي أنه بعد أشهر من الاحتجاجات، أرسل نظام الأسد حشدا كبيرا من نحو خمسين دبابة وثلاثة آلاف جندي لقمع المدينة، وبعد اقتحامها اضطر مع بعض الأصدقاء للفرار، لكنهم ما لبثوا أن اعتقلهم عناصر فصيل تابع للنظام وأذاقوهم أشد العذاب وساقوهم إلى مركز أمني في تدمر لاستجوابهم، وهناك تم اتهامهم بالمشاركة بمظاهرات واحتجاجات ونكل بهم وسجنوا سبعة شهور.
وعندما عاد إلى بلدته بعد إطلاق سراحه، وجد كل شيء قد تغير فيها، ولم يتمكن من البقاء هناك لأنها أصبحت غير آمنة، فقرر السفر إلى تركيا عن طريق المهربين.
ويذكر الخطيب أن تنظيم الدولة شن هجومه على تدمر في مايو/أيار 2015 بعد مغادرته لها، ويروي أن التنظيم بدأ يطبق سياساته المتشددة بتحريم كل شيء تقريبا، فأي شخص ينتهك هذه القواعد إما أن يعاقب بلا هوادة أو يُقتل.
ويضيف أن الحياة كانت صعبة تحت سيطرة التنظيم، وأنها أصبحت أصعب عندما بدأ الأسد يقصف المدينة زاعما أن القصف موجه لتنظيم الدولة، لكن واقع الأمر هو أن معظم الضحايا كانوا من المدنيين، وهو ما جعل معظم أهلها يهربون إلى شمال وشرق سوريا، ولم يتبق فيها سوى مائة مدني عندما استعادها الأسد من التنظيم، وفق المرصد السوري.
وحتى الآن، بعد أن حررت قوات الأسد المدينة كما هو مفترض -يقول الخطيب- هناك أمل ضئيل في عودة المدنيين النازحين إلى منازلهم لخوفهم الشديد من قوات الأسد والمليشيات التابعة له. فقد عبر الكثير منهم عن خوفهم من أن تشتبه فيهم لجان الأمن الأهلية التابعة للأسد بأنهم تعاونوا مع تنظيم الدولة فيعاقَبون على ذلك، كما يُفعل في أماكن أخرى.
ويقول الخطيب إن مزاعم الأسد بأنه شن هذه الحملة لحماية السوريين وتخليص المواقع الأثرية العالمية من أيدي التنظيم ليست صحيحة، وإن قنابله دمرت معظم المدينة وآثارها كما فعل تنظيم الدولة. ولهذا نعتبر التنظيم والأسد مجرمين لأنهم ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية، وقتلوا الأبرياء ودمروا المدن والآثار القديمة وشردوا مئات آلاف المواطنين الأبرياء.
وختم المواطن بأن تدمر لم تُحرر بل نُقلت فقط من طاغية إلى آخر، وقال “رسالتنا للغرب وللمجتمع الدولي هي: لا تتعاموا عن جرائم الأسد، وأنتم تعاقبون تنظيم الدولة يجب أن تعاقبوا نظام الأسد على حد سواء لأنه هو جوهر المشكلة في سوريا، وهو والتنظيم أعداء الشعب السوري العادي”.
إندبندنت