وكان وفد الهيئة العليا للمفاوضات قد وصل إلى مقر إقامته في فندق “رويال” في مدينة جنيف السويسرية، أمس الثلاثاء، بينما يصل باقي أعضاء الهيئة العليا للمفاوضات، اليوم الأربعاء. وعُلم أن عضو الوفد المفاوض، بسمة قضماني، ستغيب عن الأيام الأولى من الجولة الثالثة لأسباب صحية.
ويصل أعضاء قائمة موسكو والقاهرة وحميميم اليوم أيضاً إلى جنيف، حيث سيقيمون في فندق “أوتوي”، الملاصق لفندق “رويال”. وحصل ذلك نتيجة شكوى قدمها أعضاء قائمة موسكو للمبعوث الدولي، ستيفان دي ميستورا، مفادها أنهم لم يحظوا بظهور إعلامي كالذي حصلت عليه الهيئة العليا للمفاوضات في الجولة السابقة. وبناء عليه، تمّ اختيار مكان إقامتهم في هذه الجولة، من قبل المبعوث الدولي، بجانب مقر إقامة الهيئة للاستفادة من وسائل الإعلام المتواجدة بشكل دائم أمام مقر إقامتهم.
ومن المقرر أن يصل وفد النظام السوري برئاسة بشار الجعفري، يوم الجمعة المقبل، أي بعد الانتهاء من الانتخابات التشريعية التابعة النظام، وعُلم أن وفد النظام سيقيم في فندق “أن في”، الفندق الذي أقام فيه وفد الهيئة العليا في الجولة الأولى، ولا يبعد عن وفد الهيئة أكثر من كيلومتر واحد.
وانتقل دي ميستورا من دمشق إلى طهران، التي أبدى فيها رئيس الدائرة العربية والأفريقية التابعة للخارجية الإيرانية، حسين أمير عبد اللهيان، قلقه من “زيادة أنشطة الجماعات المسلحة في الأيام القليلة الماضية، وتصاعد انتهاكات وقف إطلاق النار، مما قد يضر بالعملية السياسية”، وفق تعبيره. وبالتزامن مع تصريحات عبد اللهيان كان اللواء 65، أبرز القوات الإيرانية البرية الخاصة، يتلقّى ضربات “موجعة” جنوب حلب، شمال سورية، من قبل المعارضة السورية المسلحة، بعد أن خرق مع قوات النظام ومليشيات موالية له اتفاقاً للهدنة المؤقتة “وقف الأعمال العدائية”، في محاولة لتضييق الحصار على حلب قبل يوم من المفاوضات، لتغيير المعادلات العسكرية على الأرض للضغط على المعارضة.
في هذا السياق، يؤكد مصدر رفيع المستوى في المعارضة، أنه “لم يتغير شيء بين جولتي التفاوض في مواقف النظام وحلفائه، بالإمكان البناء عليه لإنجاح المفاوضات”. ويضيف في حديثٍ مع “العربي الجديد”، أنه “من الواضح أن دي ميستورا لم يستطع تليين موقف موسكو، التي ترفض أن يتم بحث مصير بشار الأسد على طاولة المفاوضات. ولا نعتقد أنه بمقدور الموفد الدولي الحصول على شيء ذي قيمة سياسية من وراء زيارته للعاصمة الإيرانية، إذ تبدو طهران أكثر تطرفاً من الروس، وترفض تناول مصير الأسد في أية مفاوضات”.
ويرى المصدر أن “المفاوضات في الجولة الثالثة ستراوح مكانها، لأننا لا نتوقع حدوث تطورات سياسية دراماتيكية على صعيد جوهر هذه المفاوضات، وهو تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات لا وجود لبشار الأسد وأركان حكمه فيها”. ويوضح المصدر أن “المعارضة تذهب إلى المفاوضات، وهي تدرك جيداً أنها لن تحقق شيئاً، فالنظام يتحدى المجتمع الدولي منذ سنوات، وها هو يجري مسرحية سياسية جديدة هي ما يسميه انتخابات برلمانية، والعالم يتفرج على هذا السخف السياسي دون أن يوقفه عند حده، بل يشجعه على المضي في مخططه لتدمير ما تبقّى من سورية”.
كما يلمح المصدر إلى أن “المعارضة لن تبقى طويلاً في لعبة جنيف، إذا لم تدفع القوى الدولية الراعية للمفاوضات نظام الأسد إلى الانصياع بشكل لا لبس فيه للقرارات الدولية ذات الصلة، والدخول في مفاوضات جدية”. ويشير إلى أن “وزير خارجية النظام، وليد المعلم، أعلن بوضوح في لقائه مع الموفد الأممي، أنه لا نية لدى النظام في الدخول في مفاوضات تفضي إلى حلّ”. ويستبعد انسحاب المعارضة من الجولة الثالثة، ولكنه يؤكد أن “الانسحاب ممكن في الجولة الرابعة، المقررة في مايو/أيار المقبل، إذا لم يتم تحريك الملفات الرئيسية في المفاوضات في اتجاه بلورة حل سياسي”.
من جهته، يكشف مصدر خاص داخل المعارضة السورية، لـ”العربي الجديد” من جنيف، أن “عدم الخوض في المفاوضات المباشرة، وبحث تشكيل هيئة الحكم الانتقالية في هذه الجولة، سيدفع المعارضة إلى مقاطعة المفاوضات واعتبار النظام معطلاً للعملية التفاوضية وغير جاد في إيجاد حل سياسي”.
ويلفت إلى أن “عدم الخوض في تشكيل هيئة الحكم ومماطلة النظام، يخدم النظام وأهدافه، في ظلّ سعيه إلى تنفيذ مخططه العسكري خلال فترة المفاوضات، الذي كشفه رئيس الوزراء، وائل الحلقي، قبل أيام، حول استعداد الجيش السوري (قوات النظام)، بدعمٍ جوي روسي خوض معركة مدينة حلب”.
كما يضيف المصدر أن “المعارضة السورية تنتظر خطوة جادة من روسيا، لدفع النظام إلى الانخراط في عملية سياسية تفضي إلى رحيل الأسد وتشكيل جسم انتقالي يضم شخصيات من المعارضة والنظام، بالتوافق المتبادل يقود البلاد خلال المرحلة الانتقالية”.
وينوّه المصدر إلى أن “منسق الهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب، تلقّى دعوة لحضور مؤتمر القمة الإسلامي في مدينة إسطنبول التركية، يوم الخميس، حيث من المقرر أن يلتقي مع عدد من قادة الدول الإسلامية، على هامش المؤتمر الذي سيناقش الملف السوري، من ضمن ملفات إسلامية أخرى”.
في سياق متصل، يرى السفير السوري السابق في بيلاروسيا (منشق عن النظام)، محمد العمادي، أن “أمر المفاوضات في جنيف يتوقف على ما أعده الأميركيون والروس”، مشيراً، في حديثٍ مع “العربي الجديد”، إلى أن “الضغوط ستكون على طرفي الأزمة للحصول على تنازلات”. ويردف أن “الضغط سيكون أكبر على المعارضة”. ويختم العمادي حديثه بالقول، إنه “من خلال اتصالاتي لم أجد ما يبعث على الأمل بحل قريب، ودي ميستورا يستطلع الآن إمكانية إيجاد نقطة انطلاق جديدة تتبناها الأطراف الفاعلة والمؤثرة”.
أما واشنطن، فأعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، مارك تونر، في بيان صحافي، يوم الإثنين، عن قلق بلاده من زيادة العنف في سورية، قبيل محادثات السلام المقررة في جنيف، محمّلاً قوات النظام، مسؤولية التصعيد في القتال، مبّيناً أن “وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، عبّر عن قلق الولايات المتحدة من زيادة العنف في سورية، خلال اتصال هاتفي مع نظيره الروسي، سيرغي لافروف”.
العربي الجديد