نالت نساء سوريا النصيب الأكبر من المعاناة وسط حرب رمت بأوزارها عليهن وخلفت وراءها جيلا من النساء تميزن بالقوة والإرادة و مصارعة الحياة الصعبة لتعيش أسرهن بشيء من الكرامة و الإنسانية في وقت يحرص النظام السوري على نزعهما منهم بكافة وسائله الإجرامية.
لم يبق نوع من ألوان التعذيب إلا وذقنه سواء كان نفسيا أو جسديا، فكن في الثورة السورية أمهات الشهداء و زوجاتهم و بناتهم و أخواتهم، فلم تمنع أنوثتهن النظام من ارتكاب أفظع الجرائم بحقهن من اعتقال و اغتصاب و غيرها من أساليب الاضطهاد.
و قامت العديد من الناشطات السوريات بإطلاق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي كونها النافذة الوحيدة التي يستطعن من خلالها التعبير عن آرائهن و نقل الواقع كما هو دون تزييف، علها تجد آذانا صاغية تهتم لمعاناتهن.
ومن هذه الحملات ” نداء من نساء الساحل ” قامت بها مجموعة من زوجات و أمهات الشهداء في ريف اللاذقية منذ قرابة الشهر، طالبن فيها الفصائل الثورية في المحافظات الأخرى بمساندة مقاتلي الساحل في صد الهجوم الشرس الذي تشنه قوات النظام برفقة الطيران الروسي في محاولة منها لاسترجاع ما خسروه.
” زبدانيات ” حملة أطلقتها شبكة “أنا هي” التي تعنى بشؤون المرأة السورية منذ شهرين، للتضامن مع نساء مدينة الزبداني المحاصرة منذ أكثر من ثلاث سنوات، وتهدف الحملة للضغط على المجتمع الدولي و جميع الأطراف المعنية لضمان عودة الأهالي إليها ومنع النظام السوري من محو أثرها الحضاري و الإنساني الذي يعبر عن تاريخ سوريا.
وفي تصريح لـ “المدن” أوضحت مديرة شبكة “أنا هي” ألوان عدنان أن أهداف الحملة هي :” لفت نظر المجتمع الدولي والمحلي لعمل نساء الزبداني اللواتي قدمن عدة مبادرات للسلام ووقف العنف، وتضامن معهن حينها نساء سوريات ومنظمات محلية ودولية وحكومات، وهن مستمرات بالحشد والضغط لإيصال صوتهن وتحقيق مطالبهن المحقة”.
و تقوم شبكة ” أنا هي” بترسيخ أولويات المرأة في بناء السلام و تفعيل دورها في صنع القرار و ضمان مشاركتها في جميع النشاطات الاجتماعية و الثقافية لتكون عضوا فاعلا في المجتمع كونها الشريحة الأكبر فيه من خلال ورشات تثقيفية وتوعوية وكل ما يهم المرأة في المناطق المحاصرة .
و أطلقت نساء الزبداني مبادرة تضامنية مع أهالي مضايا لإخراج الجرحى و إدخال المساعدات الإنسانية إليها، و لاقت ردود فعل إيجابية وتأثيرا على الأطراف الدولية و الجهات المشاركة في المفاوضات، تحت عنوان ” حملة لفك الحصار “.
رغم أوجاعهن التي تعتلي قلوبهن إلا أنهن أثبتن للعالم أجمع أنهن قادرات على التأقلم مع أي ظرف فرضته عليهن سنوات الحرب من لجوء و نزوح وفقدان و حرمان، فاستطعن بأبسط الوسائل المتاحة وبقدراتهن الجبارة تعزيز هوية المرأة السورية لتكون قصصهن مثالا يحتذى به على مر العصور.
المركز الصحفي السوري ـ سماح خالد