- يجد سنة إيران أنفسهم مضطرين بقوة للوقوف وراء مرشح الإصلاحيين للانتخابات حسن روحاني في مواجهة المتشددين، وذلك رغبة منهم في قطع الطريق أمام عودة أحد أكثر التيارات قمعا لهم. يأتي هذا في وقت تجرأ فيه الرئيس الإيراني في خضم الحملة الانتخابية على انتقاد مؤسسات تعتبر محصنة كالحرس الثوري والقضاء.
في انتظار تحقيق الوعود
طهران – يتجه سنة إيران للوقوف وراء مرشح الإصلاحيين في الانتخابات القادمة رغبة منهم في الاستفادة من هامش الحريات الأكبر الذي منحه التيار، ومنعا للمتشددين من العودة إلى السلطة.
وأعلن مسؤول في الأقلية السنية في إيران السبت دعمه للرئيس المنتهية ولايته حسن روحاني في الانتخابات الرئاسية المقررة في 19 مايو.
ويشكل السنة ما بين خمسة وعشرة بالمئة من ثمانين مليون إيراني يشكل الشيعة غالبيتهم الكبرى.
واعتبر رجل الدين الشيخ مولوي عبدالحميد أن “المناخ بالنسبة إلى السنة بات يثير ارتياحا أكبر” منذ تولي روحاني الرئاسة في 2013 مؤكدا أن معظم هؤلاء سيؤيدونه في انتخابات الـ19 من مايو.
وكرر عبدالحميد دعوته إلى تمثيل أفضل للسنة في الإدارات المحلية والوطنية وإلى مكافحة التمييز بشكل أكبر.
وأضاف في تصريحات على موقعه الإلكتروني أن “المجموعة السنية تعتقد أن هذه الحكومة، رغم مشاكلها ونقاط ضعفها، كانت لها مساهمة ايجابية، ونعتقد أنها ستبذل جهدا أكبر لحل المشاكل إذا تولّت مهماتها مجددا”.
وكان عبدالحميد يتحدث في محافظة سيستان بلوشستان ذات الغالبية السنية في جنوب شرق البلاد قرب الحدود مع أفغانستان وباكستان.
ويتصدر روحاني راهنا استطلاعات الرأي لكنه يخوض حملة شرسة في مواجهة خصومه المحافظين الذين يتهمونه بأنه فشل على الصعيد الاقتصادي.
وشهدت المناظرة التلفزيونية الثالثة والأخيرة بين المرشحين للانتخابات الرئاسية هجمات عنيفة واتهامات بالفساد وسوء الإدارة. وصور روحاني الجمعة منافسيه المتشددين في الانتخابات الرئاسية على أنهم بيادق لقوات الأمن الإيرانية ومتعطشون للسلطة في تخط كبير للحدود المعتادة في المشهد السياسي الإيراني قبل أسبوع من التصويت.
واكتسح روحاني انتخابات الرئاسة السابقة قبل أربع سنوات بوعود بتقليل عزلة إيران الدولية ويسعى للفوز بولاية ثانية من خلال إشعال حماسة الناخبين الإصلاحيين بعد أن تبددت آمالهم بشأن الإصلاحات الاقتصادية وبسبب بطء وتيرة التغيير الاجتماعي.
ورغم أن روحاني صور نفسه طويلا كبراغماتي أكثر منه إصلاحيا متحمسا فقد بدا أنه يحاول الابتعاد عن تلك الصورة المعتدلة في الأيام الماضية في مسعى لجذب أصوات ناخبين يريدون مواجهة أقل في الخارج وحريات أكثر في الداخل.
وفي مناظرة حامية الوطيس استمرت ثلاث ساعات مع منافسيه استهدف روحاني مؤسسات تعتبر محصنة من النقد ومنها المؤسسة القضائية والحرس الثوري وهو وحدة خاصة في الجيش تتحكم في قسم ضخم من الاقتصاد الإيراني.
وقال روحاني لمنافسه الرئيسي المتشدد إبراهيم رئيسي في المناظرة “سيد رئيسي.. يمكنك أن تشوّه سمعتي بقدر ما تشاء، كقاض في المحكمة الشرعية يمكنك حتى أن تصدر أمر اعتقال. لكن من فضلك لا تسئ استغلال الدين من أجل السلطة”. ورئيسي مسؤول قضائي يحظى بدعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي.
روحاني يخشى أن يعزف بعض الناخبين الذين مكنوه من الفوز من الجولة الأولى في 2013 عن التصويت هذه المرة بعد أن تبددت آمالهم بشأن الفوائد الاقتصادية لرفع العقوبات
وفي مرحلة أخرى من المناظرة قال روحاني “بعض الجماعات الأمنية والثورية تنقل الناس بحافلات إلى مؤتمراتكم الانتخابية… من يموّلهم؟”.
وصوّر منافسه الرئيسي الآخر رئيس بلدية طهران محمد باقر قاليباف، وهو قيادي سابق في الحرس الثوري وفي الشرطة، على أنه بلطجي تباهى شخصيا بقمع متظاهرين شباب. وقال روحاني “أردت أن تبرح الطلبة ضربا”.
ووجه أبرز منافسان لروحاني انتقادات لاذعة تركزت أغلبها على سجله الاقتصادي وقالا إن البلاد فقدت الكثير من الوظائف وارتفعت الأسعار على الرغم من اتفاق توصّل له روحاني في 2015 مع قوى عالمية لرفع العقوبات مقابل كبح البرنامج النووي الإيراني.
ووصف رئيسي الأداء الاقتصادي في عهد روحاني بأنه ضعيف وقال إن 250 ألف شركة صغيرة اضطرت للإغلاق وإن المبالغ النقدية التي تصرف للفقراء يجب أن تزيد. وقال “معدل البطالة مرتفع. والقوة الشرائية لدى الناس انخفضت بشدة”.
ورد روحاني “إذا كنا نريد اقتصادا أفضل يجب ألا نترك جماعات تحظى بدعم أمني وسياسي تشارك في الاقتصاد” في انتقاد واضح للحرس الثوري.
ويواجه روحاني خمسة منافسين أبرزهم رئيسي وقاليباف. ويقول المرشحان إن روحاني باع مصالح إيران بسهولة كبيرة للغرب وترك اقتصاد إيران يتداعى من خلال سوء الإدارة. وتجرى أول جولة في الانتخابات الرئاسية في 19 مايو على أن تجرى جولة إعادة بعدها بأسبوع إذا لم يفز أيّ مرشح بأكثر من 50 بالمئة من الأصوات.
ويخشى روحاني أن يعزف بعض الناخبين الذين مكّنوه من الفوز من الجولة الأولى في 2013 عن التصويت هذه المرة بعد أن تبددت آمالهم بشأن الفوائد الاقتصادية لرفع العقوبات وبسبب بطء وتيرة التغيير الاجتماعي.
وعلى الرغم من أن روحاني فاز بأكثر من ثلاثة أمثال الأصوات التي حصل عليها أقرب منافس له قبل أربع سنوات فقد تجنب خوض جولة ثانية بتحقيق ما يزيد قليلا عن نصف الأصوات الإجمالية. وإذا خسر نسبة ضئيلة من هذا التأييد فقد يواجه جولة ثانية محفوفة بالمخاطر ضد منافس متشدد واحد يجمع كل أصوات المؤيدين لهذا التيار.
وقال رضا مير صادق وهو مدرس في مدينة يزد وسط إيران “أردت مقاطعة الانتخابات بسبب خيبة أملي من فشل روحاني في ضمان المزيد من الحرية لإيران.. لكنني غيرت رأيي. سأصوت لروحاني لأمنع رئيسي من الفوز”.
ويفتقر قاليباف لدعم المؤسسة الدينية الذي يحظى به رئيسي لكن لديه ملايين المؤيدين ممن يساندون سياساته الأمنية والاقتصادية. وزاد من فرص إجراء جولة ثانية من خلال مقاومة مطالبات له بالتنحي من متشددين آخرين. وفي المقابل تخطى روحاني خطوطا حمراء تقليدية في مؤتمراته الانتخابية من خلال انتقاده الصريح لقوات الأمن والقضاء في محاولة لإشعال حماس الناخبين الإصلاحيين.
وقال روحاني “شعب إيران العزيز.. صوّت للحرية… أنا مستعد لرفع باقي العقوبات إذا انتخبت”.
ويقول محللون إن الانتخابات القادمة ستحدد خليفة المرشد، وذكر مصطفى تاج زاده، أحد أبرز السياسيين الإصلاحيين في إيران بمؤتمر حركة الإصلاح في العاصمة طهران، الأربعاء إن “الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 19 مايو الجاري، ستؤثر على تحديد من سيتولى منصب مرشد الجمهورية في المستقبل”، دون ذكر مزيد من التفاصيل.
وأضاف أن “حكومة روحاني أعطت أهمية لحركة التنمية في البلاد”. وأكد على “ضرورة توسيع الحريات من أجل تنمية مستدامة”. ولفت إلى أنه في عهد روحاني “اتجهت البلاد من منطق الدولة الأمنية إلى الدولة السياسية”
صحيفة العرب