بعد أن تساوت حياة الذل والظلم في سجون الأسد مع الموت البطيء وبعد أن استحالت أيامهم عذاباً، يضاف للظلم الذي سببه الاعتقال وتعرضهم للسبّ والضرب، ونتيجةً لسوء الأوضاع المعيشية في السجون، لم يكن أمام معتقلي سجن حماه غير الإضراب.
النظام السوريّ يرتكب جريمة حربٍ جديدة تضاف إلى سجلّ جرائمه الموثقة ضد الإنسانية، وهي الجريمة المتمثلة في إصدار أو تنفيذ حكم الإعدام بدون ضماناتٍ إجرائيةٍ، وفق المادة الثامنة من نظام روما الأساسيّ الناظم لمحكمة الجنايات الدولية، وهي جريمةٌ متكاملةٌ من حيث كيفية ارتكابها ومكانه وأسبابه.
قطع النظام السوري الاتصالات الأرضية والكهرباء والماء عن سجن حماة المركزي، ليل السبت – الأحد، بعد تجدد استعصاء السجناء نتيجة إخلال النظام بتعهده لحل هذه الأزمة، وإصدار أحكام بالإعدام ضد معتقلين جدد.
بدأت القصة بعد زيارة قام بها رئيس المحكمة الميدانية “رضا موسى”، أبلغ فيها 12 معتقلاً بقرار نقلهم إلى دمشق، تمهيداً لتنفيذ حكم الإعدام بهم، ليقرر السجناء استئناف استعصائهم الذي بدأ مطلع أيار/مايو الحالي، بعد مشاورات مع زملاء لهم داخل السجن.
لم يغلق ملف المعتقلين في سوريا، مازال جرحاً مفتوحاً في كل بيت، إذ لا يوجد سوري، إلا لديه معتقل أو مختطف، أو مفقود مجهول المصير، كل السوريين سمعوا قصص الاعتقال والتعذيب، كثير من المعتقلين فضل الهرب بعد خروجهم من المعتقل، ويشعر هؤلاء بالقلق تجاه من تركوهم خلفهم، في محاولاتهم للتخلص من هذه الغصة، يروون ما حصل معهم أو ما شاهدوه، ومنهم من يروي قصصه على أنها حدثت مع آخرين، ومنهم من يضحك بحسرة أو يبكي.
تسارعت الأحداث لتندلع مواجهات بين السجناء وقوات النظام والأمن الذي يحاصر سجن حماه من الخارج، ويتأهب لاقتحامه من بواباته الرئيسية، وبينما استطاعت قوات النظام القبض على أحد المعتقلين بعد إصابته بقنبلة مسيلة للدموع، تمكّن المعتقلون من احتجاز مدير السجن العميد “جاسم الحسين” وقائد شرطة حماة “أشرف طه”، إضافة إلى 7 عناصر من الشرطة.
ونجح المعتقلون بتأمين السجن، بعد إغلاق “البوابة البيضاء”، التي تفصل بينهم وبين قوات النظام المتأهبة في باحة السجن وتعد هذه التطورات هي الأكبر التي يشهدها السجن، منذ بدء الاستعصاء، خصوصاً أن قيادات بارزة من النظام باتت تتشارك الزنازين مع المعتقلين.
أثارت الاعتقالات الواسعة في صفوف الشباب في سوريا حالة من الاستياء لدى الأهالي الذين رأى الكثيرين منهم أن النظام حكم على شبابهم بالموت، سيما أن الأعداد الكبيرة لقتلى النظام يومياً لم تعد بعيدة عن متناول وسائل الإعلام، ووصف مكتب دمشق الإعلامي مدينة دمشق بأنها “خزان بشري يلجؤ إليه النظام لتدعيم صفوف جنوده”.
أصدر الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، بياناً فجر الأحد، جاء فيه: “بعد تلكؤ نظام الأسد في تطبيق الاتفاق المبرم مع معتقلي سجن حماة المركزي، واضطرار المعتقلين للاعتصام من جديد، في محاولة لتنفيذ شروطهم، وعدم التخلي عن حقوقهم التي تباطأ النظام في تنفيذها، يجدد الائتلاف دعمه لموقف المعتقلين وإصرارهم على تنفيذ بنود الاتفاق كلها ووجه السجناء في سجن حماة المركزي نداءات إلى اللجنة الدولية للصليب الأحمر عقب قطع مسؤولي السجن الكهرباء والماء، وسط نقص في الطعام ووجود حالات طبية حرجة بين السجناء.
آلاف المعتقلين محتجزون في سجون حكومية بسوريا دون تهمة، وتعرض العديد منهم للتعذيب حتى الموت، وهو ما تنفيه سلطات النظام.
ويبقى السؤال يكرر نفسه إلى متى سيبقى الظلم والطغيان مستمر دون النظر لحالة السورين من اعتقال وتعذيب نهايته موت وهلاك؟.
يشار إلى أن الأسد أصدر مرسوم “عفو عام” بعد أيام من إعادة انتخابه لولاية ثالثة من سبع سنوات، في انتخابات وصفتها المعارضة بـ”المهزلة” وبأنها “انتخابات الدم” قوبلت برفض عربي ودولي.
المركز الصحفي السوري – رشا مرهف