الفن لا يعرف عمراً، ولا يعترف بظروفٍ سيئة، بل على العكس تراه يفتح نوافذ الأمل لكل نفسٍ محطمةٍ ومرهقةٍ من تقلبات الحياة.
أمين محمد، رجلٌ ستّينيّ، رسمت التجاعيد طريقها على وجهه، ومايزال يبدع ويخلق من الحزن والوحدة متنفّساً لحياته، يعشق الرسم رغم كبر سنه.
استقبلنا في خيمته البسيطة،التي يسكنها وحيداً في مخيمات قاح/ إدلب، على الحدود السورية التركية، حدثنا قائلاً:
” أعيش وحيداً بعد أن تزوّج كل أبنائي، ولكن الرسم صديق وحدتي ومؤنسي، أبحر معه في عالم أخر ينسيني كل همومي وآلامي ”
لديه ثلاثة عشر ابناً وابنة، ثلاثة منهم استشهدوا في الحرب.
يعيش في خيمته وحيداً مع ريشته وألوانه، يزورونه بين الفينة والأخرى، اختار العيش وحيداً، كما قال، وعندما سألناه عن السبب أجاب:
“أعيش لوحدي لأني لا أريد أن أرهق أبنائي بمصروفي، ولأني أعرف أن أوضاعهم سيئة، كما أنني أفضل العزلة لأني أستمتع بالرسم والكلام مع الريشة والألوان، أكثر من استمتاعي بمخالطة الناس”
الفن التشكيلي هوايته منذ الطفولة.. يرسم على الورق، واللوحات الخشبية، ومؤخراً يرسم على جدران خيمته ..
قال لنا، بينما هو منهمك بإتمام إحدى لوحاته
” ارسم على جدران الخيمة الداخلية كل ما أتمناه وأحلم به، أحيانا أتمنى السفر الى البحر والشواطئ، وصعود قمم الجبال، ما يدفعني للرسم على جدران الخيمة هو الحلم، فقط الحلم”
شُغف العم أمين بالفن، يحب أن يعيش الحياة بطريقته الخاصة، لم يعرض يوماً لوحاته في معرض خاص، شخصٌ انطوائي، إلا مع لوحاته فهو شخصٌ آخر.
ربما تحتاج حالة العم أمين لدراسة نفسية، أو ربما يحتاج لمن يفهم طبعه ويقدّر فنّه ًإبداعه، لكنه بالتأكيد حالة تستحق أن تُعرف، وتلقى الثناء والتقدير.
بقلم ضياء عسود