في كل عام هجري ومع بداية كل شهر رمضان يكثر الكلام عن الصيام والتحضير لرمضان، إذ يعد شهر رمضان شهرا مميزا عن باقي الأشهر؛ لما فيه من الخصوصية في مواقيت الطعام والشراب والنوم والاستيقاظ، فمن الاستيقاظ على السحور وصلاة الفجر في جماعة، إلى الفطور واجتماع العائلة على سفرة واحدة، إلى قراءة القرآن وصلاة التراويح.
وبكل الأحوال فإن للمسلمين ذاكرة مميزة وطقسا خاصا عند الكلام عن رمضان وذكرياته التي خلت من كل عام.
فللكلام عن رمضان وعاداته وطقوسه عند السوريين حديث آخر وذكريات تبحر إلى ماضٍ بعيد، يجتمع فيه الأحبة مع الزمان والمكان، فعندما يحدثونك عن رمضان يتملكهم حزن عميق وغصة تملأ الروح والمكان أيضاً؛ لما آل إليه حالهم واستقر عليه مقامهم.
لكن لنحاول التفريق بين الصوم والصيام من الناحية المعنوية والفقهية
فإن الصيام يعني الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر حتى غروب الشمس حيث قال سبحانه وتعالى في محكم آياته ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تعقلون) والغاية من ذلك هي الإحساس بالفقير والمسكين والوقوف على معاناتهم وأحوالهم، إضافة إلى تهذيب النفس بتجويعها وحرمانها ومخالفة هواها، وفي تلك الآيات نجد كلمة الصيام كتبت بحرف الياء (الصيام).
وأما الصوم فيخص صوم اللسان وامتناعه عن قول السوء والغيبة والنميمة.. وليس صيام المعدة سواء في رمضان أو غيره والدليل على ذلك من كتاب الله عز وجل، حيث قال سبحانه في محكم آياته ( فكلي واشربي وقري عينا وإما ترين من البشر أحدا فقولي إني نذرت للرحمن صوما) أي السيدة مريم عليها السلام، نذرت الصوم مع أنها تأكل وتشرب ولا بد أن يجتمع مع الصيام صوما لكي نحقق الغاية المرجوة منه لقوله صلى الله عليه و سلم (من لم يدع قول الزور و العمل به فليس لله حاجة أن يدع طعامه و شرابه)
فمن السهل على الإنسان أن يمتنع عن الشراب والطعام لمدة من الزمن، وأما الصعوبة الحقيقية فتتمثل بصوم اللسان وامتناعه عن قول السوء والقبيح، وإلزامه بقول الحق ولو كان على نفسه؛ لأن الصبر الحقيقي هو في معاملة الآخرين ومدارتهم والنصيحة لهم والصبر على أذاهم بدليل قوله تعالى ﴿وجعلنا بعضكم لبعض فتنة ؛ أتصبرون﴾
ولعظم أجر الصوم ودرجته فقد جعل الله عز وجل جزاء الصائم من خصوصيته وحده إذ قال سبحانه (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فهو لي وأنا أجزي به).
المركز الصحفي السوري- وضاح حاج يوسف