محافظة إدلب من أروع المحافظات السورية وأجملها، وأكثرها خضرة، وأحسنها زيتونا وتينا، فهي من المحافظات العصية التي تمردت على النظام في الثمانينات، وقبل ذلك وبعده، وكان على أيدي أحد أبنائها محاولات لاغتيال الأسد الأب، وما زال أهلوها يطوون صدورهم على كره النظام واستبداده وعلى رأسه الأسد الابن، بعد الثورة في درعا الحبيبة تسلمت إدلب الراية، وتمردت على الظلم والطغيان هي ثاني محافظة بعد عاصمة الثورة حمص من حيث عدد الشهداء.
اليوم تُرسِل مدينة إدلب رسالة مضمخة بالدم وبرائحة الشهداء إلى حل سلمي مع هذه العصابة، لقي 23 مدنيا على الأقل مصرعهم فيما أصيب العشرات بجروح جراء غارات روسية مكثفة استهدفت ليلا مدينة إدلب في شمال غرب سوريا.
تعيش مدينة إدلب السورية مأساة حقيقية، من ظلم وبطش وقتل وتنكيل يمارسه نظام الأسد، ، بالرغم من أن مدينة إدلب تعتبر من المدن الثورية والثقافية والسياسية في العالم فإن مأساة ومعاناة المدينة يجسدان صمودا وإصرارا غريبا من شعبها فالتحدي مستمر مع الطغاة لإسقاطه وبناء المستقبل الجديد الواعد.
أعلنت روسيا في وقت سابق أنها كانت ستبدأ الأربعاء الماضي ضرب مقاتلي “جبهة النصرة”، لكنها عادت وأعلنت تأجيل بدء القصف وكانت البداية من إدلب هذا القصف الجوي هو الأعنف على المدينة منذ بدء سريان وقف الأعمال القتالية في 27 شباط الماضي.
لا بد أن نتذكر هنا أننا نتحدث عن نظام يقصف شعبه بالبراميل المتفجرة وبالصواريخ، كما لابد أن نتذكر أن هذا النظام استعان بحليفيه الروسي والإيراني مع ميلشياته الطائفية اللبنانية والعراقية، حيث شارك الجميع في قتل السوريين وتدمير عمرانهم، وقد نجم عن كل ذلك تشريد أكثر من نصف السوريين في الداخل والخارج، وحرمانهم من ممتلكاتهم ومن مصادر رزقهم، مع حوالي نصف مليون شهيد ومفقود، وآلاف القتلى في المعتقلات، وعشرات آلاف السجناء، فضلا عن الحصار المشدد على بعض المناطق.
ادعاءات كثيرة من النظام والروس بحجة ضرب مواقع جبهات النصرة لكن بالواقع لم ينل القصف إلا من المدنيين العذّل، أغلبهم نساء وأطفال بعضهم مازال تحت الأنقاض.. مشاهد مروعة ومدماة حكت قصة مدينة منكوبة قصة أطفال سجل التاريخ أسماءهم لم يكن لهم أي ذنب بالذي يجري غير أنهم يحاسبون ع صرخات حناجر أباءهم .
لكن الشعب السوري أثبت في هذه الأيام، بعد أكثر من خمس سنوات من الحرب والتآمر العالمي على ثورته، أن ما يجري في سوريا “ثورة شعب، ثورة الحرية والكرامة”، وليست حربا أهلية أو طائفية أو مذهبية – كما يروج معظم الإعلام العالمي وخصوصا الغربي منه- بل ثورة سلمية ضد نظام ديكتاتوري طائفي سادي، قابل المظاهرات السلمية بالدبابات والرصاص والسجون والتصفيات التي لا تفرق بين الأطفال والنساء والشيوخ.
المركز الصحفي السوري– رشا مرهف