في دروب الحياة يلتقي الناس ويمضي الزمان بهم ليجدوا أنفسهم فجأة على مفترق طرق الرحيل، لتتصافح الأيدي وتتعانق القلوب وتغرق العيون بالدمع، لتبقى تذكارا بين الأحبة والأصدقاء، لتبقى صورة باسم محفورة في ذاكرة جمال لا تنساه عيناه ولا تفارق باله، فهو يسكن القلب ويمتلك الجوارح والفكر معاً.
“موت باسم كسر قلبي وغيابه صعب كتير عليي” يقول جمال الشاب العشريني بعيون بنية دامعة يسكنها الشوق لرؤية صديق عمره باسم، ولكن الفراق هنا أبدي لا رجوع فيه ففراق باسم ترك في روح جمال جرحاً نازفاً لا يستطيع اللسان التعبير عنه، وعن كل ما يجول في النفس من آلام تتأجج في صدره وتشتعل في الأعماق.
فالذكريات الجميلة في مخيلة جمال مؤلمة تحكي قصة فراقه لصديقه باسم بسبب قصف الطيران على بلدته الهبيط في ريف إدلب الجنوبي عام 2017.
يغطي جمال وجهه الأبيض بكلتا يديه ثم يتنهد وكأن هموم الدنيا سكنت مشاعره، ويتابع حديثه فيقول “باسم كان صديق الأيام الحلوة والبشعة والسند الي كنت استند عليه” ولكن القدر كان له كلام آخر، فالحنين موجع ورؤية باسم في الحلم هو الأكثر وجعاً بالنسبة ل جمال. فالاعتياد على فراق صديق أشبه بالمستحيل ولحظات الوداع التي مر بها جمال لحظات صادمة محزنة بالغة الهم تختزل فيها التفاصيل وتتراسل الذكريات القابعة في أعماق جمال.
يتابع جمال حديثه فيقول “غياب باسم متل الكابوس ياريت ينتهي ومايكون حقيقي” محدقاً في سِوار يلبسه بيده كان قد أهداه إياه باسم، وكأن حزن الدنيا قد سكنه، والفرح في دنياه قد أصبح غريباً والسعادة صارت شجوناً في غياب صديقه، وكأن الفراق بحجم مجرة.
ولكن حديث باسم ونبرات صوته حاضرة في قلب جمال وذاكرته، فليس من خلود يطفئ فواجع الفقد والفراق.
في كيان جمال ألف حكاية تجمعه ب رفيق دربه باسم والكثير من اللقاءات الحلوة والبسمات الصادقة التي تراوده صباح مساء، والتي يستعيدها بغصة تسكن فؤاده فتجتاحه تلك الذكريات القديمة لتمر في مخيلته، تترجمها دموع الوداع بحرقة مسببة صرخات روح وصيحات قلب متشبثة بالصديق الراحل.
“رح تضل محبة باسم واللحظات الي جمعتنا احلى ذكرى” يقول جمال، لتمرّ السنين وتبقى حروف اسم باسم محفورة بزهور اللحظات الجميلة وعطور الوفاء في قلب جمال وخلّدت في أعماقه مشاعر رائعة وذكرى لا تُمحى، وفخراً يحتويه منحوت بترنيمات الذكريات ما بين القلب والروح.
خيرية حلاق
المركز الصحفي السوري
عين على الواقع