دوما أكبر مدن الغوطة الشرقية بريف دمشق، أم المجازر ومدينة الشهداء، فلا يخلو يوم واحد من المجازر بحق أبنائها وسكانها، عشرات القذائف بل المئات تتساقط يومياً على المدينة، ناهيك عن القصف الجوي الذي بات أمراً اعتيادياً لدى سكان المدينة، ومناظر الدماء والأشلاء المتناثرة هنا وهناك والجثث تحت الأنقاض.
يقول أبو الهدى الدوماني متحدثاً عن الوضع في المدينة: “تشهد المدينة قصفاً يومياً عنيفاً بمختلف أنواع الأسلحة من قبل طائرات النظام وقواته المنتشرة في محيط المدينة، بالإضافة إلى الطائرات الروسية، مخلفة عشرات المجازر اليومية، ولم يكتف النظام بقتل المدنيين فقط بل يرتكب المجازر بحقهم ويعود ليقضي على المسعفين، ويمنعهم من انتشال الأطفال والنساء من تحت الأنقاض”.
وأضاف أبو الهدى قائلاً: ” لا يمكن للكلمات أن تصف وتعبر عن حالة المدينة المأساوية، ولكن نستطيع القول أن النظام وحلفاءه يعتمدون سياسة الإبادة الجماعية بحق أهلها المحاصرين”.
في ظل الحملات المتتالية التي تتعرض لها المدينة المحاصرة، افتقدت لكافة المعدات الطبية والأدوية في ظل الحصار التي تتعرض له منذ سنوات، فضلاً عن النقص الكبير في الكوادر الطبية والأطباء، فمنهم من ذهب ضحية إجرام النظام ومنهم من أصبح على سرير العناية المشددة بعد إصابته إصابات خطيرة إثر استهدافهم في المراكز الطبية أو أثناء إسعاف الجرحى، وقد نشر المركز الطبي الموحد في المدينة إنفو غرافيك لعدد الشهداء والجرحى والعمليات التي قام بها خلال أسبوع واحد من القصف على المدينة وذلك في الوقت الممتد بين 29/أكتوبر و 7/نوفمبر من العام الجاري، وهي على الشكل التالي:
عدد الشهداء: 134 شهيد، وعدد الجرحى: 1117 جريح، أما عدد العمليات: 237 عملية، بينما عدد قبولات العناية: 137، وقد ذكر المركز عدد حالات البتر التي وصلت إلى 26 حالة، في حين بلغ عدد وحدات الدم إلى 260 وحدة.
إنفو غرافيك يبين تلك العمليات:
لقد كانت هذه إحصائية لأسبوع واحد، وفي حال عممنا ذلك على شهر أو أكثر، لكانت النتائج كبيرة والكارثة أكبر من المتوقع، وهناك العديد من الشهداء والإصابات لم يتم توثيقها بسبب الحصار وكثرة المصابين وتعدد المجازر نتيجة تواصل القصف اليومي.
يتحدث أحد الناشطين المحليين من المدينة عن بعض المجازر التي ارتكبت فيها خلال الأيام القليلة الماضية فيقول: “أطلق على المدينة اسم “مدينة المجازر” فلم يخلو يوم واحد من سقوط شهداء ولم يغب منظر الدماء التي روت أرض المدينة عن أعين سكانها، حيث ارتكب النظام مجزرة يوم أمس راح ضحيتها 22 مدني، كما ارتكب مجزرة مطلع الأسبوع الماضي ذهب ضحيتها 21 مدني، ويجب علينا ذكر مجزرة دوما الكبرى التي راح ضحيتها 110 شهداء و300 جريح بعد قصف السوق الشعبي في المدينة من قبل طائرات النظام في أغسطس/2015، هذه بعض المجازر فهي كثيرة ولا يمكن ذكرها كلها”.
هذا وقد تصدرت المدينة المركز الأول في الغوطة الشرقية بعدد المجازر والشهداء، فقد وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان وقوع 11 مجزرة في غوطة دمشق معظمها في دوما.
وقد وثق في 29/أكتوبر مقتل 14 مدني؛ جراء غارات جوية من الطيران الروسي استهدفت المشفى الميداني التابع للمكتب الطبي، أما في الثلاثين من الشهر المذكور قتل 66 مدني وجرح العشرات؛ جراء استهداف طيران النظام السوق الشعبي في المدينة.
ومن جهة أخرى ناشد أهالي المدينة جميع الفصائل الثورية العاملة في الغوطة الشرقية على وجه الخصوص وفي سوريا عموماً، التوحد ومواجهة النظام القاتل الذي أزهق الدماء رخيصة دون تفكير، كما ناشد الأهالي المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي لوقف شلال الدماء والإبادة الجماعية التي تتعرض لها المدينة.
يتحدث أبو سالم أحد سكان المدينة وهو أب لأربعة شهداء بينهم طفلان لم يتجاوزا العاشرة من عمرهما، وهو أخ لشهيدين فيقول: “لقد صمت العالم على المجازر اليومية في المدينة، ولم يتحرك لهذه الضحايا التي ملأت أرض المدينة، فأصبح على كل شبرٍ منها قطرة دم لطفل أو امرأة، أوجه رسالة إلى أولئك الذين سقطت منهم الإنسانية مع أول قطرة دم من الشعب السوري، دماء أطفالنا لن تسامحكم وسيشهد التاريخ في صفحاته تخاذلكم”.
لم يعد يخفى على أي إنسان الجرائم التي ارتكبها نظام الأسد والميليشيات الموالية له طيلة أعوام الثورة، والآن العدوان الروسي، ولكنها لم تكن كافية لتوقظ الضمير العربي والعالمي بعد، فإلى متى سيبقى شلال الدماء في سوريا يسيل ويروي أرضها هذا برسم المجتمع الدولي.
المركز الصحفي السوري ـ إبراهيم الإسماعيل