في ظل حصار شديد وقصف عنيف أواخر 2017, “حلب الصمود” شهدت الدمار والجوع وانعدام وسائل العيش اﻹنسانية, كانت تنزف الدماء بغزارة, حدث أنه في زقاق من أزقتها كان يقطن مهند (اسم مستعار) مع عائلته في بيتهم المطل على حقول كانت قد أبيدت من كثرة القصف, كان يبلغ التاسعة من عمره, ولكن لا يزال المشهد المرعب في ذاكرته, بعد جوع مستمر وقصف متتالي لم يعد لديهم خيار..
يقول مهند:
-أتت الجارة لعندنا تقول لنا أن من خرج من البيت قبل أن يصلوا هم إليه, ومن سيبقى يقتلوه.
..نعم رغم صغر سنه إلا أنه شعر بالخوف وهو صامتا يراقب ماذا سيكون رد أبيه وأمه, وكان خيارهم الوحيد الهروب من الوحشية, أصبحوا يأخذون ما يلزمهم من لباس وأخذ كل فرد من العائلة يلبس حقيبة ظهرية تحمل دموعه وذكرياته مع شيء قليل من لباسه استأنف مهند قائلا:
-أذكر حينها أنني لم أسقي دالية العنب التي كنت بدوري أسقيها وأرعاها يوميا, كنت أسأل أمي متى ستكبر هذه الدالية يا أمي.
-كلما سقيتها واهتممت بها تكبر وتثمر يا بني …
.. نعم كانت براءة الطفولة تتكلم عنه في هذا المشهد القاسي من تحضير لتهجير مجهول طريقه..
وفي طريقهم وهم ذاهبون سأل مهند أمه.
-أمي من سيسقي دالية العنب الآن إن عطشت؟
كانت أمي قد أغرقت عيناها بالدموع, ولم تستطع إجابتي.
…نعم كان مهند لم يأبه للحال الذي وصلوا له ولم يكن يأخذ فكرة غير تلك الدالية, والآن قد ظمأت الدالية وجف ترابها الأحمر وتشقق ولم يعد مهند بعد ليسقيها.
ابتهال دعبول/ المركز الصحفي السوري