ترك برس
اعتبر الكاتب والمحلل السياسي، إلياس حرفوش، أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، هما الآن الزعيمان اللذان يستفيدان من الفراغ الذي خلّفه تخاذل إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما عن لعب دور القوة العظمى في الأزمة السورية، كما خلّفه العجز العربي عن مواجهة الدعم الروسي والإيراني لنظام بشار الأسد، والهيمنة الإيرانية الكاملة على مقدرات العراق.
وقال حرفوش، في مقال له بصحيفة الحياة، إن حلف المصالح بين الرئيسين التركي والروسي بسورية نجح في تكريس معادلة تخدمهما في المنطقة الحدودية بين سورية وتركيا، على رغم الخلاف الذي ما زال قائماً بينهما (كما يبدو) في شأن مصير بشار الأسد. وفي ظل السيطرة الروسية الكاملة الآن على القرار العسكري في سورية، نجح الأتراك في اقتطاع مساحة تقارب ألف كيلومتر مربع من الأراضي السورية على الحدود.
ويأمل أردوغان بتوسيع تلك المسحة إلى 4 آلاف كلم، ليحقق بذلك مطلب “المنطقة الآمنة” التي أرادها منذ زمن، ولم يتجاوب الأميركيون معه في تنفيذها، فكان غض النظر الروسي، الذي منع الإيرانيين والسوريين من تنفيذ عمليات في تلك المنطقة تعيق السيطرة التركية، وفي المقابل أتاح لبشار الأسد العثور على منطقة يستطيع أن يرسل إليها المقاتلين المعارضين الذي يتم “تنظيفهم” في حربه على المدن السورية.
وتابع حرفوش: في الوقت ذاته، فرض أردوغان نفسه كالقوة الوحيدة القادرة على مواجهة تنظيم “داعش”، أو دعم القوى السنّية المحلية المستعدة لذلك، كما كانت الحال في مدينة جرابلس، واستطاع بذلك أن يستبعد أي دور كردي عن هذه المواجهة، خصوصاً أن هذا الدور يأتي على رأس المشاغل التركية، ويكاد يسبق “داعش” أو يتساوى معه في مستوى القلق الذي يشكله لصانع القرار في أنقرة.
في حلف المصالح بين أردوغان وبوتين، يستخدم كل منهما الآخر. أردوغان “ينتقم” بغزله مع موسكو من التقارب الأميركي مع الأكراد، كما من توفير الملاذ لفتح الله غولن، الغريم الأول لأردوغان. أما الروس فيجدون في تقاربهم الحديث العهد مع أردوغان فرصة للرد على الاتهامات بأنهم يعادون السنّة في المنطقة ويتدخلون ضد مصالحهم في سورية.
وخلص المقال إلى أن هذا التقارب يشكل فرصة كذلك لتركيا لتعزيز علاقاتها مع الدول العربية، الناقمة على الانكفاء الأميركي، والعاجزة عن لعب أي دور أو القيام بأي مبادرة، فيما تتطلع إلى قوة أخرى لتوازن هذا الغياب.