واشنطن: هناك دلائل على أنه من الممكن أن يفقد رئيس النظام السوري بشار الأسد الدعم والمساندة من جانب عائلته، بما في ذلك رامي مخلوف، ابن خاله. ويعتبر مخلوف الذي يسيطر على قطاع الاتصالات في سورية، أغنى رجل في البلاد.
وفي ظل العقوبات الأمريكية التي تسبب عزلة لإيران، الحليف الرئيسي لنظام الأسد، وفي ظل الانهيار الاقتصادي الذي يجتاح لبنان، حيث يوجد ما قيمته 40 مليار دولار من الأصول السورية والتي تعد حلقة الوصل الرئيسية بين سوريا والاقتصاد العالمي، فإن الحكومة السورية في حاجة ماسة للسيولة النقدية.
وتقول الكاتبة كالي روبنسون في تقرير نشره مجلس العلاقات الخارجية الأمريكية إنه من أجل تعزيز خزائنها، طالبت الدولة بمئات الملايين من الدولارات من قيمة الضرائب المتأخرة من الشركات التي حققت أرباحا من وراء الحرب، بما في ذلك شركات مخلوف.
ومنذ ذلك الحين ثارت خلافات بين الأسد ومخلوف، وانتقد مخلوف الأسد علانية. ويقول الخبراء إنه من الممكن أن تكون هذه نقطة تحول، حيث إن مخلوف شخصية محبوبة وذات نفوذ، فمئات الآلاف من السوريين يعتمدون في معيشتهم على شركاته، وميليشياته وجمعياته الخيرية. وقد حذا أفراد آخرون من العائلة حذو مخلوف في انتقاد النظام، ومن الممكن أن يشعر المزيد من السوريين بالجرأة لأن يفعلوا نفس الشيء.
وهذا الاقتصاد المرهق يقلق السوريين، كما يقلق الحكومة. فأكثر من 80% من السوريين يعيشون في براثن الفقر، وانخفضت قيمة العملة السورية انخفاضا شديدا، من 700 ليرة مقابل الدولار في كانون ثاني/ يناير، إلى 3500 في حزيران/ يونيو الماضي. واندلعت الاحتجاجات في المدن التي يسيطر عليها النظام، حيث من النادر أن يظهر المواطنون هناك أي اعتراض، وطالب مئات المتظاهرين بتنحي الأسد.
ولم تشهد البلاد مظاهرات بهذا الحجم منذ احتجاجات الربيع العربي التي طالبت بالإصلاح الديمقراطي.
ويقول رايم ألاف، وهو خبير في الشؤون السورية، إن عددا متزايدا من السوريين يعتقد الآن أن حكومة الأسد عاجزة عن تحقيق الإصلاح ويفضلون رحيلها. ولكن النظام لا يتساهل، وبدأ في اعتقال المحتجين وتنظيم احتجاجات مضادة.
وأقوى تهديد للنظام هو قانون حماية المدنيين في سوريا ( قانون قيصر)، وهو قانون أقره الحزبان الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة، وبدأ تنفيذه يوم 17 حزيران/ يونيو. ويفرض القانون عقوبات على أفراد عائلة الأسد، وكذلك على أي كيان في العالم يستثمر في المناطق التي يسيطر عليها النظام.
ويتطلب إلغاء القانون وقف النظام هجماته الجوية ضد المدنيين، وأيضا وقف استخدام الأسلحة الكيماوية، والسماح من جديد لجماعات حقوق الإنسان بالوصول إلى جميع أنحاء البلاد، وإطلاق سراح السجناء السياسيين، والسماح للنازحين السوريين بالعودة إلى ديارهم، ومحاسبة المسؤولين عن ارتكاب جرائم الحرب.
ويهدف القانون إلى معاقبة الكيانات من أي جنسية، وإلى تراجع الدول من كل أنحاء العالم من السعي لعقد صفقات إعادة إعمار وتطبيع العلاقات مع سوريا. كما أنه يصعد من الضغط على الأسد للسماح بانتقال سلمى للسلطة، تدعو إليه الأمم المتحدة منذ عام 2015.
ويشعر بعض المحللين بالقلق من أنه من المرجح أن تلحق التكاليف الاقتصادية ضررا بالمدنيين السوريين. ولتخفيف معاناتهم، يسمح القانون بوقف العقوبات بالنسبة للمنظمات الانسانية، وتعهدت الولايات المتحدة بتقديم حوالي 700 مليون دولار مساعدات إضافية، تشمل المناطق التي يسيطر عليها النظام.
وتقول منى يعقوبيان، من معهد السلام الأمريكي، إنه من الممكن القيام بالكثير للتأكد من أن العقوبات تلحق الضرر بالنظام فقط. ويشمل ذلك ترشيد عملية الإعفاء من العقوبات بالنسبة لمنظمات المساعدات، وتجنب العقوبات التي تعرقل عمليات إمداد المساعدات، وتقديم المزيد من المساعدات للاجئين في لبنان حيث يوجد أكبر عدد من النازحين السوريين في العالم.
ورغم هذه التهديدات الجديدة، يتوقع كثير من المحللين أن يصمد النظام أمامها. فعائلة الأسد اعتادت مثل هذه الصعاب، لذلك من الممكن أن يكون لدراما الأسد- مخلوف تأثير ضئيل في نهاية الأمر.
وكما أظهرت الحكومة من قبل، فإنها لا تتوانى عن قمع المحتجين، وهو ما يمكن أن تفعله مرة أخرى لتجنب اندلاع ثورة جديدة في خضم أزمتها المالية. كما يمكن للنظام التغلب على “قانون قيصر” عبر استغلال النخب وثيقة الصلة بها، وأمراء الحرب، والوسطاء المحليين لممارسة النشاط التجاري مع شمال البلاد الذي يسيطر عليه المتمردون، والذي لا تنطبق عليه العقوبات، كما قال خضر خضور، من مركز كارنيغي الشرق الأوسط.
وعلاوة على ذلك، لا يزال الأسد يتمتع بدعم إيران وروسيا، الدولتين اللتين ساعدتاه في استعادة معظم أنحاء سوريا. وتقول يعقوبيان إن هذا يكفي لتجاوز العاصفة، مضيفة: “لا أعتقد أن هذه العقوبات كافية لإسقاط النظام… للأسف، إنها تعني فقط المزيد من المعاناة للمدنيين العاديين”.
نقلا عن القدس العربي