سارع تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى تبني التفجير الكبير في مدينة القامشلي، كما رجح معظم ناشطي المنطقة، فهو الأسلوب المتبع في معظم عملياته داخل سوريا وخارجها، لكن جملة تساؤلات واستفسارات طرحها ناشطون، عن كيفية دخول التنظيم إلى حي “الغربية” الأكثر تحصينًا في المدينة؟
وانفجرت سيارة مفخخة على مقربة من جامع “قاسمو” في شارع عامودا بحي “الغربية”، اليوم الأربعاء 27 تموز، وعلى بعد نحو 2 كيلو متر من مدخل المدينة الغربي، بحسب ما ذكر مراسل عنب بلدي، متسببة بسقوط 50 قتيلًا كحدٍ أدنى وعشرات الجرحى، ودمار غير مسبوق في المباني والمحال التجارية.
ويعدّ هذا الحي من أكثر الأماكن تحصينًا في القامشلي، نظرًا لوجود مراكز عسكرية وأمنية ومدنية تابعة لـ “الإدارة الذاتية” المعلنة من حزب “الاتحاد الديمقراطي”، ومنها “وزارة الدفاع، وزارة الصحة، الشؤون الاجتماعية”، ومراكز لشرطة “أسايش”، عدا عن عشرات الحواجز الأمنية في كل شارع فرعي ورئيسي.
الناشط السياسي الكردي سعد عامودا، رجّح لعنب بلدي أن يكون النظام السوري وراء هذه العملية، حتى لو أعلن تنظيم “داعش” تبنيه لها، منتقدًا في الوقت ذاته الأجهزة الأمنية التابعة لـ”الإدارة الذاتية”، وواصفًا إياها بأنها “سلطة أمر واقع ضعيفة”.
واستبعد الناشط السياسي أن تكون الشاحنة قدمت إلى المدينة من طريق عامودا، مرجّحًا أنها أعدت داخل القامشلي، ومعللًا ذلك بوجود عشرات الحواجز والمباني الأمنية التي يستحيل اختراقها، لكنه استدرك قائلًا “أي احتمال بتسربها عبر الحواجز، يعني جريمة لا يمكن أن تغفر لأحد، مهما تشدق بالحديث عن المكتسبات والشهداء”.
وانتقد عامودا ضعف الأجهزة الأمنية والاستخباراتية التابعة لحزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD)، موضحًا أنها “تفرغت لملاحقة السياسيين والمنتقدين المعارضين لممارستها المتماهية بدون أدنى شك مع تلك التي أقدم ويقدم عليها أمن النظام السوري”.
وحصلت عنب بلدي على تصريحات من شاهدي عيان في القامشلي، أكدوا أن طائرة حربية حلقت في سماء الحي على علو منخفض قبل تنفيذ التفجير بدقائق معدودة، ورجح شاهدا العيان أن يكون النظام على علم مسبق بالتفجير، أو أنه فعلًا مدبر له، وهو ما ذهب إليه سعد عامودا، قائلًا “سواءً تبنى داعش أو لم يتبنى هذه الفعل الجبان فهو وأمن النظام شركاء في التخطيط والتنفيذ لهذه العملية، ويتحملان معًا المسؤولية القانونية عن ارتكاب هذا الإرهاب”.
ناشط سياسي في القامشلي (رفض ذكر اسمه)، صبت تصريحاته أيضًا في ذات السياق، مستبعدًا أن تكون المفخخة دخلت المدينة من طريق عامودا لـ “استحالة” الأمر، ومرجحًا لعنب بلدي أن يكون النظام ومخابراته وراء التفجير، لزعزعة الأمن في المدينة وضرب الحاضنة الشعبية لـ “حزب الاتحاد الديمقراطي” المهزوزة أصلًا، وفق تعبيره.
وعقب المجزرة بحق عشرات المدنيين في القامشلي، طالب السياسي الكردي المخضرم، صلاح بدر الدين، عبر صفحته الشخصية في “فيس بوك” بخروج مكاتب ومقار “الإدارة الذاتية” خارج المدن والبلدات الكردية.
وقال بدر الدين “نطالب سلطة الأمر الواقع المتحكمة بمصير المواطنين وجميع حملة السلاح والأحزاب والمنظمات في مدينة القامشلي وسائر مدن محافظة الحسكة وحتى مدينتي عين العرب (كوباني) وعفرين، مغادرة المناطق السكنية المدنية ونقل مقراتها العسكرية والأمنية ومخازن السلاح ومكاتبها الإدارية والحزبية المستهدفة إلى خارج حدود المدن والبلدات والقرى والمجمعات..”.
تعدّ القامشلي عاصمة “روج آفا” (غرب كردستان)، وهو الإقليم الفيدرالي المعلن من قبل “الإدارة الذاتية”، لكنها تشهد وجودًا للنظام السوري، لا سيما في منطقة المربع الأمني والمطار المدني جنوب المدينة.