بضربة خيبة موجعة من الواقع، صحت من حلمها و دفنته في أعماق قلبها، ” سارة ” .. منذ نعومة أظافرها، رسمت صورة طبيبة ناجحة تعالج الفقير قبل الغني، عاهدت نفسها رغم صغرها ألا تترك مريضا، بل ستقدم المساعدة لكل من يحتاجها، بدأت تكبر شيئا فشيئا مع درب العلم والنجاح، كانت المتفوقة في جميع مراحل دراستها، ذاك النجاح كان يشبثها في أرض العلم والمعرفة، وفي مسيرة الحلم هذه أكثر فأكثر.
– ما حلمك يا سارة؟!
ماذا تريدين أن تصبحي في المستقبل؟
طبيبة .. طبيبة ناجحة .. أقدم المساعدة لكل من يحتاجها
– ماهي مخططاتك؟!
-العلم والاجتهاد و التقدم و التفوق وعدم الاستسلام أهمها.
– وفقك الله يا سارة ..
انقطعت مسيرة العلم هذه بعد مرحلة التاسع بل وأغلقت جميع المدارس و المعاهد و طرق العلم من قبل تنظيم الدولة، انقطعت مسيرتها العلمية لسنتين، لكن اعتبرتها فترة راحة طويلة إلى أن يحدث الله بعد ذلك أمرا، بعد هذه الاستراحة تم خروج تنظيم الدولة، لتسجل في المرحلة الثانوية مباشر ( مرحلة مصيرها الجامعي والمهني، مرحلة تحديد حلمها هل ستصل له ام لا ).
– أنسي الأمر يا سارة الأمر أشبه بالمستحيل بعد الانقطاع بل و هذه القفزة من التاسع للمرحلة الثانوية!
– لا لم أنساه طوال السنتين هل سأنساه الآن؟!
هل أتراجع في أول خطوة لي .. مستحيل
– لن تستطيعي بعد هذا الانقطاع.
-لا يهم، ما يهم هو الإصرار والاجتهاد
– سنرى يا سارة ..
كان الأمر تحدي لها من كل من حولها، بل بدا وكأنهم أول الشامتين المنتظرين لحظة الفشل، سهرت الليالي بل كانت تنام ثلاث ساعات فقط ( من العاشرة ليلا حتى الواحدة منتصف الليل) .. تستيقظ لتجتهد في هذه الظلمة، كل من في المنزل نائم، نعاس يحيط بها فتدفعه بتفكيرها بحلمها و إصرارها على التفوق، المكان مظلم لكن كان يكفيها ضوء صغير لترى سطور الورق، كانت المواساة في هذا الليل (نمتي كثيرا يا سارة لمدة سنتين والآن حان وقت الاستيقاظ ).
بعد أيام و ليال من السهر والاجتهاد .. و بعد الامتحانات كانت تنتظر النتيجة بخوف وشوق وكأنها تنتظر مصيرها … ظهرت النتيجة لترى أنها تقبل الطب .. بعد رؤيتها المفاضلات الجامعية والأقساط توقفت لتتلقى الصدمة وتتنهد تنهيدة الموت لحلمها في الوقت الحالي (ما هذه الأقساط هل هي أقساط أم ماذا!!
نظرا لحالة أهلها المادية، كان الأمر مستحيل بالسنة للتسجيل الجامعي، دفنت حلمها في أعماق قلبها لكن دفنة مؤقتة وقررت العمل لإدخار القسط .. الآن أصبحت معلمة .. هذه المهنة التي لطالما اعتبرتها الأصعب بالعالم وكانت خارج قائمتها حتى .. قامت بالتسجيل في كثير من الدورات والدراسات المتفرقة .. رمت نفسها في ضغط سلب منها وقت الراحة حتى، لكنه كان ملاذها الوحيد من خيبتها، كان أسهل من ساعة تفكير واحدة بعدم التسجيل الجامعي.
إن الأمر ليس مجرد ضياع حلم أو خيبة بلنراه من زاوية أخرى *أمة إقرأ* التي تدعو للعلم هل مصيرها إيقاف العلم لأجل هذه المبالغ .. هل حلم فتاة أو شاب ينتهي بسبب هذا الطمع .. ” نحن أمة إقرأ ولسنا أمة المال و الطمع “.
شيماء قادرو
المركز الصحفي السوري