يشارك الاف من جنود حلف شمال الاطلسي الثلاثاء في اليوم الاول من مناورات بالقرب من تورون في شمال بولندا، هي الاكبر التي تشهدها اوروبا الشرقية منذ سقوط الشيوعية وتهدف الى عرض قوة الجانب الشرقي للحلف في مواجهة روسيا.
وتهدف مناورات “اناكوندا” التي تستمر عشرة ايام الى تعزيز امن المنطقة وسط التوتر بين دول الغرب وروسيا التي ردت بغضب على تلك المناورات.
وقال ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ان “المناورات (..) لا تسهم في نشر جو الثقة والامن”.
واضاف “للاسف لا نزال نشهد نقصا في الثقة المتبادلة”.
وتاتي هذه المناورات قبل شهر من القمة التي سيعقدها حلف شمال الاطلسي في وارسو والتي ستشهد اكبر عملية تجديد له منذ الحرب الباردة تتمثل في نشر المزيد من الجنود في دول اوروبا الشرقية الاعضاء في الحلف والقلقة من روسيا منذ ضمها شبه جزيرة القرم الاوكرانية في 2014.
وتلقى خطوات الحلف معارضة من روسيا. الا ان الحلف الذي تقوده الولايات المتحدة يصف هذه الخطوات بانها استراتيجية “ردع وحوار”.
ويشارك في مناورات “اناكوندا” التي تعتبر الاحدث في سلسلة من المناورات التي يجريها الحلف في المنطقة، 31 الف جندي من 24 بلدا من بينهم 14 الف جندي من الولايات المتحدة و12 الف جندي من بولندا والف جندي من بريطانيا اضافة الى جنود من دول “الشراكة من اجل السلام” وهي الجمهوريات السوفياتية السابقة ومن بينها اوكرانيا.
وصرح وزير الدفاع البولندي انتوني ماكيرفيتش الاثنين ان الحلف “يتاكد من قدرته على الدفاع عن خاصرته الشرقية”.
وتعتبر هذه المناورات الاكبر التي يجريها الحلف منذ تدريبات ترايدنت العام الماضي والتي شارك فيها 36 الف جندي في ايطاليا واسبانيا والبرتغال.
– تاريخ الحرب الباردة”-
سعى حلف شمال الاطلسي الى طمأنة موسكو، حيث اكد امينه العام ينس ستولتنبرغ الاسبوع الماضي ان “الحرب الباردة اصبحت تاريخا، ونريد ان تبقى كذلك”.
وتحتج روسيا منذ فترة على توسع الحلف في الجمهوريات السوفياتية السابقة، ووافق الحلف في 1997 رسميا على عدم نشر قواعد دائمة في دول حلف وارسو السابقة.
الا ان بعض المحللين يشككون في استراتيجية الحلف الحالية التي تستند على نشر الجنود بالتناوب بدلا من نشر قوات دائمة، وقالوا انها قد لا تضمن الامن على الضفة الشرقية للحلف.
واوضحت جودي ديمبسي المحللة في مجموعة كارنيغي لوكالة فرانس برس “عندما يسوء الوضع، كم ستستغرق تعبئة الجنود بسرعة كبيرة في حال وجود تهديد من هجوم”. وقالت “اذا لم يكن الحلف يريد نشر قوات دائمة، فعليه اذن تسريع اقامة بنية تحتية لنقل الجنود الى (اوروبا الشرقية) بسرعة”.
ومنذ اندلاع النزاع في اوكرانيا في 2014، انشأ الحلف قوة رد فائقة السرعة لها قيادة متقدمة ومراكز لوجستية في الدول الشرقية.
الا ان ديمبسي شككت في جدوى وجود وحدات صغيرة نسبيا في مواجهة “قوات تقليدية هائلة على الجانب الاخر”.
وكثفت روسيا تواجدها بشكل كبير في منطقة بحر البلطيق، كما ان مقاتلاتها تنتهك بشكل متكرر اجواء الجمهوريات السوفياتية الاصغر الاعضاء في الحلف ومن بينها استونيا. وفي نيسان/ابريل حلقت تلك الطائرات فوق مدمرة بحرية اميركية.
وقالت ديمبسي “التدريبات الروسية معقدة ومتطورة وكبيرة ومخيفة. انظروا ماذا يفعلون في كاليننغراد”، في اشارة الى المناورات الروسية في الجيب الروسي الواقع بين بولندا وليتوانيا.
واضافت ان تلك المناورات “تشبه التحذير للحلف” +لا تنسوا، نحن داخل منطقة الحلف+”.
– “صراع الارادات” –
رغم ان الحلف قطع جميع اشكال التعاون العملي مع موسكو بسبب ازمة اوكرانيا، الا انه يخطط لاجراء محادثات رسمية مع روسيا قبل القمة التي ستعقد يومي 8 و9 تموز/يوليو.
الا ان موسكو وواشنطن تبادلتا الاتهامات الشهر الماضي بتعزيز التواجد العسكري في اوروبا، بعد ان بدأت الولايات المتحدة في نشر الدرع الصاروخية في بولندا ورومانيا.
وتوعدت روسيا ب”انهاء التهديدات” التي يشكلها النظام الصاروخي، رغم التطمينات الاميركية بان هدفه هو منع اية هجمات محتملة من دول “خارجة عن القانون” في الشرق الاوسط.
وقال الكرملين انه سينشر ثلاث فرق عسكرية جديدة في غرب وجنوب روسيا بنهاية العام لمواجهة قوات حلف شمال الاطلسي قرب حدودها.
ووصفت ديمبسي المواجهة بانها “صراع ارادات” وقالت انها تعتقد ان تهديدات موسكو تهدف الى وقف تمدد حلف شمال الاطلسي في الدول المجاورة لها بعد ان ابدت كل من جورجيا واوكرانيا، الجمهوريتان السوفياتيتان السابقتان، رغبتهما في الانضمام الى الحلف الغربي.
المصدر: أ.ف.ب