إن إحجام المجتمع الدولي عن إنقاذ حلب يعود لقرار ضمني بين الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن للضغط على الثوار في سورية؛ للقبول بالحل السلمي القائم على الخطة الروسية الإيرانية التي تبناها المبعوث الدولي ديمستور منذ سنة تقريبا التي سميت حينها خطة (تجميد القتال ) في حلب وكون الخطة رفضت حينها من قبل الثوار توقفت الجهود الدولية الى أن تم عقد اجتماعات فيينا التي أعادت طرح الخطة بشكل آخر ودعمتها بقرار لمجلس الأمن رقم (2254 ) وبدل الضغط على النظام قامت الدول الراعية لعملية الحل السلمي بالضغط على الثوار وعندما جوبه هذا الضغط بالرفض من خلال موقف الهيئة العليا للمفاوضات الذي وقفت وراءه كل فصائل الجيش الحر التي هددت بالتنصل من التزامات الهدنة كونها سقطت بسبب الانتهاكات المستمرة للنظام, جاء الرد الدولي بإعطاء الضوء الأخضر للنظام والقوات الروسية والإيرانية للقيام بالأعمال الإجرامية التي شهدتها محافظة حلب في ريفها الجنوبي والأحياء المحررة منها حيث ارتكبت القوات الروسية والنظامية جرائم حرب تحت نظر وسمع العالم.
ونتيجة الضغوط الشعبية التي مارسها أحرار وثوار سورية من خلال إطلاق حملة عالمية لإنقاذ حلب من جرائم النظام وروسيا, قامت الولايات المتحدة بالضغط على روسيا للتدخل لدى النظام لاحترام الهدنة فاطلقوا هدنة في ريف اللاذقية والغوطة واستثنوا مدينة حلب، هذه الهدنة ما هي إلا لعبة قذرة من ألاعيب امريكا وروسيا ودليل واضح على وحدة قرارهما اتجاه الثورة السورية مع العلم ان هذه الهدنة لم تحترم من قبل النظام حيث رد عليها النظام بمحاولاته المتكررة اجتياح الغوطة من جبهة بالا وزبدين واستمراره في قصف قرى ومدن ريف اللاذقية الشمالي.
علينا الا ننسى أن ما يجري في حلب يأتي في سياق مخطط التقسيم المرسوم لسورية وهو أحد أهداف القوى الخارجية التي تعبث فيها سواء كانت إيران وأمريكا وروسيا الذين يدعمون مخطط الدولة الكردية من خلال الدعم العسكري والسياسي للفصائل الكردية الانفصالية التي زرعوها في شمال حلب للضغط على الثوار وعلى تركيا للاستجابة لهم بتجميد قتال النظام والتوجه لقتال الفصائل الإسلامية بحجة محاربة الإرهاب الذي رفضته كثير من الفصائل الثورية في سورية.
ومن خلال ما سبق وظهور عجز كل من تركيا والمملكة العربية السعودية وقطر لوقف المجازر في سورية ومن مراقبة تصريحات وردود أفعال الولايات المتحدة إعلانها عن أن الوضع في سورية يخرج عن السيطرة وأنه من الصعوبة التمييز بين النصرة والجيش الحر في حلب وأن المنطقة الآمنة في شمال حلب غير مجدية، والمترافقة مع تصعيد روسي إيراني على الأرض يؤكد أن الأمريكان تخلّوا عن مشروع دعم الثورة وانحازوا لدعم النظام ويتجلى ذلك بدعم أي فصيل يتخلى عن قتال النظام ويرضى بقتال الفصائل الإسلامية والتهديد بقطع الدعم عمن يرفض ذلك من الحلفاء الأمر الذي يعني أن أفق الحل السلمي بات ضيقا وبالتالي بات لازماً على ثوار سورية الأحرار والفصائل الاسلامية للخروج من هذا الوضع قلب الطاولة على النظام وروسيا وإيران بفتح معارك حقيقية على الأرض تغيّر الموازين وتقلب المعادلات القائمة .
أخيرا إن صمود الحاضنة الشعبية للثورة في حلب وتمسكها بأرضها وحقوقها ورفضها لمشاريع التقسيم ودعمها للثوار, وقيام الفصائل بالرد الفوري على جرائم روسيا والنظام وإيران على الأرض والتمرد على القرار الأمريكي وعدم الإذعان لها كفيلان بانتصار ثورتنا في حلب وإفشال مخطط التقسيم. ويكسبان ورقة قوة للهيئة العليا للمفاوضات وورقة قوة للفصائل الأخرى المنتشرة في مناطق أخرى من سورية لإعادة ترتيب أوضاعها وخاصة في درعا وريف دمشق .
المحامي عبد الناصر حوشان