” ماما شو يعني خزعة؟، وليش بطني عم ينتفخ ويوجعني”، نظرا لصغر سنها لم تستوعب “حلا” ابنة الثامنة من مدينة ادلب أنها تعاني من ورم سرطاني في بطنها وأنها ستخوض رحلة مع العلاج الكيماوي ممزوجة بألم قد يصعب على جسدها النحيل تحمله.
تروي لنا والدتها ماجرى معها ودموعها لاتكاد تجف على وجنتيها:” كانت ابنتي تشكو من ألم في بطنها دوما، ولم أكترث في بادئ الأمر به، فكنت أعطيها شراب التهاب وبعض المطهرات المعوية، إلا أن بطنها أخذ بالانتفاخ بشكل ملفت للنظر وجسدها بات نحيلا جدا، فأخذتها لطبيب أطفال في المدينة، وبعد الفحص أخبرني أنها تعاني من التهاب أمعاء حاد ويجب عليها اتباع حمية غذائية بالإضافة لبعض الأدوية”.
تكمل قصتها بعد أن استوقفتها صورة ابنتها وهي تبكي وتناشدها رافضة أن تجري صورة الطبقي المحوري التي طلبها الطبيب لقطع الشك باليقين بعد أن أصبح انتفاخ بطنها غير طبيعي والألم لم يعد يوقفه مسكن أو أي دواء آخر.
وتبين في الصورة وجود ورم كبير في المعدة، فأخبرها الطبيب ناصحا أن تأخذها للعاصمة دمشق كون الطبابة فيها أفضل نظرا لضعف الإمكانيات الطبية في مدينة ادلب وريفها وعدم وجود أدوية ومعدات لمرضى الأورام والسرطان، فقصدت دمشق برفقة “حلا” التي بدأت تذبل وكأنها زهرة لم توشك أن تتفتح حتى بدأ المرض ينخر جسدها ليقطف منها أجمل سنوات الطفولة البريئة.
ورغم دعوات أم حلا التي لم تكن تفارق شفتيها داعية الله أن تكون نتائج الخزعة سليمة، إلا أنها صدمت عندما أخبرها طبيب التحليل أن الورم سرطاني وتحتاج لعملية استئصال وعلاج كيماوي بعدها، تصف لنا هول الصدمة:” أول شيء خطر ببالي كيف سيتحمل جسدها كل ذلك الوجع والألم، تمنيت أن أموت ألف مرة ويصاب جسدي بذلك المرض الخبيث ويترك جسدها الذي لم يعد قادرا على حملها، ماذا سأقول لها عندما يتساقط شعرها وتصبح عاجزة عن النظر لنفسها بالمرآة، ووووو وألف سؤال طرق مخيلتي وأنا عاجزة حتى عن النظر إليها”.
ليست “حلا” الطفلة الوحيدة التي أصيبت بالسرطان، فبحسب إحصائيات طبية ارتفعت نسبة الإصابة به أضعافا في السنوات الأخيرة معظمهم من الأطفال في ظل التراجع الطبي والعلاجي فيما يخص الأمراض المزمنة والخطيرة وخصوصا في مناطق سيطرة المعارضة إثر استهداف النظام المتكرر للمشافي والنقاط الطبية، فكانت تركيا وجهة كثير من مرضى السرطان نظرا لوجود مشفى تخصصي في أنطاكيا يقوم بتأمين العلاج مجانا للسوريين، بالإضافة للمشافي في مناطق النظام والتي بات الذهاب إليها مهمة شاقة تتطلب وقتا على الطرقات والحواجز ومعظم الأدوية الكيماوية غير متوفرة ما يضطر المريض لتحمل تكاليف شرائها على نفقته.
معاناة ومآسي لا تكاد تنتهي وطفولة كتب عليها الشقاء والحرمان وسط حرب حرمتهم أن يعيشوا أجمل أيام عمرهم، تقول حلا وجرعة الكيماوي معلقة في يدها ووالدتها تحاول إلهاءها كي لاتشعر بالوقت:” رح أرجع عمدرستي بس خلصت دوا وأحكي لرفقاتي أنو هون بالشام مافي حرب متل عنا ولافي طيارة “.
المركز الصحفي السوري_ سماح الخالد